هيثم باحيدرة

يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي ترمب تصر على ألا تكون صديقة للطاقة النظيفة، حيث أكدت الإدارة مجددا عزمها على الانسحاب من اتفاق باريس حول تغير المناخ، بعد إرسال إشارات مختلطة قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ويحظى الرئيس دونالد ترمب ــ الذي يقترح أن يتم خفض دعم الطاقة البديلة في ميزانية عام 2018 ــ بفرصة جديدة لتقويض سوق الطاقة الشمسية، من خلال فرض الرسوم التي يمكن أن تزيد من تكلفة الطاقة الشمسية بما يكفي لكبح نمو هذه الصناعة.


وفي تحركات مشابهة أخرى خلال الأشهر الثمانية الماضية، عدلت الإدارة أو ألغت عدة تشريعات تؤثر في الطاقة المتجددة. ففي آذار (مارس) وقع الرئيس ترمب أمرا تنفيذيا بتعليق خطة الطاقة النظيفة، وحل الفريق العامل المعني بالتكلفة الاجتماعية للكربون، ورفع الحظر عن تأجير الأراضي الاتحادية لأغراض استخراج الفحم، وأمر وزارة الداخلية بمراجعة اللوائح التي تحد من التنقيب عن النفط والغاز في الأراضي الاتحادية، ووجه جميع الهيئات بمراجعة اللوائح التي قد تعوق إنتاج النفط والغاز الطبيعي والفحم والطاقة النووية.
وعلى نحو منفصل، علق رئيس وكالة حماية البيئة ــ سكوت برويت ــ تطبيق حكم يفرض على صناعة النفط والغاز خفض تسرب الميثان، على الرغم من أن القضاء منع ذلك منذ تموز (يوليو)، بينما أمر ريك بيري ــ وزير الطاقة ــ بإجراء دراسة للشبكة الكهربائية للوقوف على ما إذا كانت المخاوف من درجة الموثوقية تبرر دعم طاقة الحمل الأساسي بما في ذلك الفحم، والغاز، والطاقة النووية.
ومن الواضح أن الطريق ممهد لكثير من التغييرات في السياسات المتعلقة بجميع جوانب صناعة الطاقة في الولايات المتحدة. ومع ذلك فإن الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترمب كان لها حتى الآن أثر محدود على آفاق الاستثمار في الطاقة المتجددة. وفي الواقع، في غضون الأشهر الثلاثة الماضية، رفعت كل من مؤسستي بلومبيرج وجولدمان ساكس توقعاتهما لاختراق الطاقة المتجددة لأسواق الولايات المتحدة مقارنة بتوقعاتهما المعلنة قبل الانتخابات الأمريكية.
فالشركات الأمريكية تدفع باتجاه رفع حصة توليد الطاقة من المصادر المتجددة. وقد أعلنت 240 شركة ضمن مجموعة أكبر 500 شركة برامج للاستثمار في خفض غازات الاحتباس الحراري أو الاستدامة أو مبادرات الطاقة المتجددة، وكثير منها يسعى إلى التحول إلى الطاقة المتجددة بنسبة 100 في المائة في جميع عملياتها العالمية. وهذا الاتجاه يدعمه كل من ضغط المستهلك والعلامة التجارية، فضلا عن العوامل الاقتصادية. وعلى وجه الخصوص، فإن أسعار الجملة في الطاقة المتجددة هي أسعار تنافسية بالنسبة إلى أسعار الوقود الأحفوري، وغياب التعرض لمخاطر أسعار الوقود يوفر أفضل تحوط من الزيادات في تكاليف الطاقة على المدى الطويل. وإذا كانت هيئات المرافق غير مستعدة لعرض تعريفات الطاقة المتجددة بأسعار تنافسية، فإن الشركات على استعداد متزايد لشراء الطاقة مباشرة من أصحاب مشاريع الطاقة المتجددة، بل على استعداد للسعي إلى امتلاك هذه المشاريع.
ويرى الفريق المؤيد للنفط ــ على غرار الرئيس ترمب ــ أن التوسع في التنقيب عن النفط والغاز سيعزز استقلالية الطاقة الأمريكية، وسيوفر مزيدا من فرص العمل، وسيؤدي في النهاية إلى هيمنة الطاقة الأمريكية.
وفي العام الماضي، شكلت مصادر الطاقة المتجددة نحو 10 في المائة من إجمالي استهلاك الطاقة، ونحو 15 في المائة من توليد الكهرباء في الولايات المتحدة. ومنذ دخول الإدارة المؤيدة للنفط إلى البيت الأبيض أشاد لوبي صناعة النفط باستراتيجية الطاقة "أمريكا أولا"، في حين أن مؤيدي الطاقة النظيفة يدفعون بأن الولايات المتحدة تحتاج إلى مزيج طاقة أكثر تنوعا، يكون للطاقة المتجددة فيه نصيب أكبر. ويعد نمو الطاقة الشمسية أحد العوامل التي تساعد عديدا من الولايات الأمريكية على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بالطاقة.
وعلى الرغم من محاولات المشككين، فإن تغير المناخ واقع يحمل تهديدا، ويجب على الولايات المتحدة توظيف مزيد من الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إذا أرادت أن تكون لها فرصة في مكافحة الاحترار العالمي ومواكبة بقية العالم من حيث تنمية الطاقة النظيفة.