سطام المقرن

أعلنت البنوك السعودية أخيرا، ممثلة في لجنة الإعلام والتوعية المصرفية، عن تدشين حملة التوعية التاسعة تحت شعار «#مو_علينا» لتعزيز الوعي العام لدى أفراد المجتمع، وعملاء البنوك بوجه خاص، تجاه مخاطر الاحتيال المالي والمصرفي، ومن ضمن أهداف هذه الحملة التحذير من «التعامل مع الاستثمارات الوهمية وغير المرخصة، بما في ذلك التعامل مع المواقع الإلكترونية المشبوهة التي قد تنطوي أعمالها على أنشطة غير نظامية، التي تروج من خلال إعلاناتها على شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لفرص استثمارية وتعد بتحقيق مكاسب مالية سريعة، بما فيها أنشطة الفوركس وغيرها من الأنشطة غير المرخصة».


وتجدر الإشارة هنا إلى أنه قبل أشهر، أصدرت ثلاث جهات حكومية هي (وزارة التجارة والاستثمار وهيئة السوق المالية ومؤسسة النقد) بيانا حذرت فيه المواطنين والمقيمين من الوقوع ضحية للأنشطة التجارية غير المشروعة، بما فيها أنشطة تجارة «الفوركس» غير المرخصة، التي تُمارس من قبل عدد من المحتالين، داعية إلى ضرورة الإبلاغ عن المخالفين وعدم التعامل معهم، مبينة أن مثل هذه الأنشطة قد تكون نافذة وواجهة لعمليات غسل أموال.
فقد انتشر في الآونة الأخيرة ظهور إعلانات لشركات تداول على شبكة الإنترنت تستهدف البسطاء من الناس تظهر موظفين تخلوا عن وظائفهم وأصبحوا من أصحاب الملايين، أو الوعد بمضاعفة الأرباح في أيام معدودة من خلال الاستثمار بمبلغ زهيد جدا، وقد تطورت أنماط هذه الإعلانات، حيث بدأت هذه الشركات بانتحال أسماء الصحف المحلية من خلال نشر رابط إلكتروني وهمي للصحيفة في مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر خبر جاذب للناس فيه ترويج ودعاية لشركات الفوركس، ولا يستبعد أن تقوم هذه الشركات في المستقبل بالظهور تحت مسميات وهمية ومختلفة منها خدمة رجال الأعمال، وخدمة العملاء، وتوظيف الشباب لديها لوضعهم أمام الجمهور مباشرة حتى لا تكون في الصورة، مما يزيد الأمر تعقيدا.
ورغم أهمية الحملات التوعوية التي تقوم بها البنوك السعودية والجهات الرسمية إلا أنها في نظري غير كافية، لأن هذه الشركات تدرك جيدا سلوك الضحية وتستخدم نفس الأساليب التي تنادي بها تلك الحملات، فعلى سبيل المثال تتضمن الرسائل التوعوية قصر الاستثمار والتعامل مع الشركات المرخصة فقط، ولكن ما يحصل على أرض الواقع أن تلك الشركات الوهمية تستغل تراخيص شركات في أوروبا، وعندما يدخل المستثمر إلى موقع اللغة العربية في الموقع يتم تحويله إلى اسم آخر أو «دوماين» آخر، ويتم تغيير اتفاقية العملاء في العربية إلى شركة فرعية أخرى تكون عادة في دول مشبوهة. بالإضافة إلى ما سبق، تطلب شركات النصب والاحتيال من الضحية تحويل مبلغ الاستثمار عن طريق حساب بنكي في بعض البنوك السعودية، وفي الغالب يكون باسم أحد المواطنين حتى يعطي الثقة والاطمئنان للضحية بوجود مندوبين للشركة في المملكة وأن أمواله في أمان، والحقيقة أن هذه الحسابات ما هي إلا حسابات تحويل وسيطة، والشركات المرخصة يكون اسم الحساب البنكي التابع لها مطابقا لاسم الشركة،أو لاسم الموقع الإلكتروني، كما يمكن أن يستخدم المستثمر الضحية طرق تحويل غير آمنة مثل «كاشيو» و«ويسترين يونيون» حتى يصل إلى شركات النصب! والسؤال المطروح هنا: كيف يتم الإيداع والتحويل في البنوك وتحت أية رقابة؟.
وبناء على ما سبق، أرى أن الحملات التوعوية وحدها غير كافية، ويجب أن يكون هناك تتبع للإعلانات المشبوهة على شبكة الإنترنت، والتحري عن الحسابات البنكية التي تستخدمها تلك الشركات، بالإضافة إلى ضرورة إبراز الفرص الاستثمارية في المملكة من خلال المسوحات التي يمكن أن تقوم بها المؤسسات الاقتصادية التي من شأنها أن تعرّف المستثمرين وتتيح أمامهم مجالات وآفاقا لتوظيف أموالهم في استثمارات آمنة ومشروعة، فمن أحد أسباب الاحتيالات المالية والوقوع في فخ الشركات الوهمية هو عدم المعرفة بحقيقة الفرص الاستثمارية المتاحة، والجهل بطبيعة التسهيلات والمزايا المتوافرة والحوافز التي تقدمها الجهات المعنية بهدف تشجيع حركة الاستثمار والمستثمرين في الدولة.