مهرجان دبي السينمائي الدولي (2): فيلم افتتاح جيد ولجان تحكيم متعددة

بين الأفلام المشاركة تجارب جديدة في ثلاث مسابقات

 دبي: محمد رُضـا‬

افتتاح الدورة الرابعة عشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي تم ليلة أمس (الأربعاء) بالشكل اللائق والمنظم المعتاد. بعده فيلم سكوت كوبر الجيد «عداءات» الذي يشترك في بطولته كرستيان بايل ورزامند بايك مع وس ستودي.‬
في أسباب اختيار رئيس المهرجان عبد الحميد جمعة لهذا الفيلم تحديداً ليكون فيلم الافتتاح، بيّـن لـ«الشرق الأوسط» أنّ الفيلم يكتنز أسباباً عدة دفعته لاختياره:‬
«من ناحية أساسية هذا الفيلم يحتوي على كل العناصر المطلوبة لفيلم الافتتاح، وكلها جيدة. الإخراج والتصوير والموسيقى والتمثيل، كل هذه العناصر تمنح الفيلم غذاءً للعين والروح معاً».‬
ويضيف إلى ذلك:‬
«هناك بالطبع الموضوع الذي يشكل عندي سبباً مهماً. إنه حول الطريق الطويلة للبحث عن الذات والتعرّف على الآخر. هذا الطريق الذي يقصده كل منّا ويعني شيئاً لكل الناس. في شخصية بطل الفيلم كرستيان بايل هناك أشياء تعنينا جميعاً. في اعتقادي أنّ كل واحد منا سيجد في هذه الشخصية ما يمثله».‬
ويشير إلى العنف في الفيلم:‬
«نعم، هناك عنف، وهذا قد يقوم البعض بانتقاد الفيلم على أساسه، لكنّ الحال وكما في كل فيلم رائع أنّ العنف هنا مبرر وليس دخيلاً. ليس موجوداً لذاته، بل لضرورته لفهم المرحلة والمعاني المرتبطة بالمكان أيضاً. إنّه فيلم يوحي لنا جميعاً بأهمية التقارب بين الشعوب ونبذ التفرقات، وهي رسالة المهرجان التي حرصنا عليها عاماً بعد عام».‬

‬رؤساء وأعضاء‫‬

من اليوم التالي للعرض تنطلق أفلام المسابقات المختلفة وتبدأ لجان التحكيم أعمالها المعتادة في تصنيف المشاهدات بين جيد يستحق، وعادي لا يستحق لكي تتوصل في النهاية، عند الثالث عشر من هذا الشهر، إلى نتائجها التي إذا ما أرضت فريقاً من الناس أثارت انزعاج فريق آخر؛ لأنّ لا شيء يمكن أن يرضي الجميع إلّا في حالات نادرة.‬
مهرجان دبي ليس الوحيد الذي عادة ما تثير جوائزه تأييد البعض ومعارضة البعض لها. هذا يحدث في كل المهرجانات الأخرى، فما يرضي لجنة التحكيم في «كان» أو «صندانس» أو سان سابستيان أو برلين قد لا يرضي النقاد، وما يرضي النقاد ولجنة التحكيم قد لا يثير اهتمام أو إعجاب المشاهدين.‬
وهذا ليس الأمر الوحيد المشترك بين مهرجانات السينما. هناك أمر آخر: قلة (إن لم نقل ندرة) وجود نقاد سينمائيين في لجان التحكيم. القوام المعتاد هو من السينمائيين العاملين في داخل المهنة، أو من أولئك الذين على هامشها، أمّا النقاد فيبدو أنّهم على هامش الهامش في الكثير من المناسبات السنوية، وهم بالتأكيد خارج لجان التحكيم في هذه الدورة من مهرجان دبي، وليس للمرة الأولى.‬
ترأس مسابقة «المهر الطويل»، التي تستقبل أفلاماً عربية (روائية وغير روائية)، الممثلة الألمانية، وهي ممثلة نشطة عرفت في عالمنا العربي بفيلم «حياة الآخرين» (2008)، لكن لديها أكثر من 40 فيلماً، وحصدت للآن 19 جائزة. ‬

وتحت إدارتها هناك المخرج الفلسطيني رائد أنضوني، صاحب فيلمين طويلين، آخرهما «صيد أشباح» والمخرج المصري أحمد عبد الله. وهناك الممثلة الإيرانية سحر دولاتشاهي، والمخرجة الفرنسية دومينيك كابريرا. ‬
على الأقل يرأس لجنة تحكيم «المهر الإماراتي» المخرج المصري مجدي أحمد علي، وهو صاحب ذلك الباع الطويل من الخبرة، وتضم المخرج الإماراتي الجيد هاني الشيباني، وكاتب السيناريو البحريني فريد رمضان.‬
في حيز لجنة تحكيم «المهر القصير» و«المهر الخليجي القصير»، تؤول القيادة إلى الفرنسي جيل مارشان صاحب الفيلم المتوسط «من قتل بامبي؟» والأفضل منه قليلاً «صديق كهاري» (2000)؛ لكنّه لم يخرج «موارد بشرية» كما يُشير أحد أخبار المهرجان الموزع على الصحافيين.‬
إليه ينضم المخرج التونسي مهدي برصاوي والمخرجة السعودية عهد كامل؛ ما يشي بتركيبة لا تخلو من الغرابة؛ كون المسابقة للأفلام الخليجية، لكن رئاستها أجنبية!‬
ستة من الأفلام الخليجية القصيرة المعروضة في هذه المسابقة تجيء مدعومة من مؤسستين إماراتيتين مشهود لهما بالمنح التي مكنت، ومنذ سنوات، توفير أجيال جديدة من المخرجين الجدد،‬ وهما مؤسسة «إنجاز» (دبي) ومؤسسة «إيماج نيشن» (أبوظبي)، وهذه الأفلام الستة هي ‫«وضوء» للمخرج الإماراتي أحمد حسن أحمد، و«تمساح» للإماراتي علي مصطفى، و«شرشف» للمخرجة السعودية هند الفهاد و«4 أربعة عشر 24» للمخرج العراقي هاشم العيفاري و«بوكس» للمخرجة العراقية نور العرادي و«ولد سدرة» للمخرجة السعودية ضياء يوسف. ‬
وهي جميعاً من بين 140 فيلماً موزعة بين الأقسام المتسابقة المذكورة أعلاه وبين أقسام أخرى مهمة (في مقدمتها «سينما العالم» و«ليالٍ عربية») ستأتي بها أيام المهرجان لتزورنا، كما هو شعار المهرجان، ونردّ نحن لها الزيارة في التقارير اللاحقة.‬