جاسر عبدالعزيز الجاسر

تعاطف العالم كله مع الفلسطينيين، ورفض ما أعلنه الرئيس الأمريكي من قيامه بتجريد شعب من عاصمته وضمها إلى قوم غرباء عنها، جمعوا من الغرب والشرق للتخلص من أفعالهم.

من تابع وقائع جلسة مجلس الأمن الدولي التي عقدت يوم الجمعة الماضي يجد أن الجميع رفض وندد بما قام به ترامب، ولم يؤيد ذلك التصرف غير القانوني سوى مندوب الكيان الإسرائيلي الذي ساق مجموعة من الأكاذيب لم تجد من يصدقها سواء داخل قاعة الاجتماع أو من سمعوا بها من محطات التلفاز.

العالم أجمع رفض ما قام به ترامب، واتخذت الدول مواقف سياسية، بعضها من أقرب حلفاء أمريكا، مثل فرنسا وبريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي، قادة الدول الإسلامية والعربية جددوا مواقفهم الرافضة، واستنكروا ما قام به ترامب، مواقف تضاف إلى رصيد الفلسطينيين، وإضافة نوعية تراكمية لدعم الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني.

الجميع رفض إعلان ترامب الذي جاء ضمن عرض هوليودي من داخل البيت الأبيض، سعى ترامب من خلاله لتقديم دعمه للكيان الإسرائيلي من أجل توظيف «صهاينة أمريكا» وأذرعتها الإعلامية والسياسية والاقتصادية للوقوف معه ضد ما يحيط به من تحقيقات حول علاقاته ومستشاريه بالمخابرات الروسية، وقد تفوق ترامب حتى على نظيره السابق ريجن في أداء دوره المسرحي، بدليل قبول صهاينة أمريكا والأرض المحتلة بالإشادة به وتعهدهم بالدفاع عن بقائه في البيت الأبيض.

صهاينة أمريكا والكيان الإسرائيلي لم يكونوا وحدهم السعيدين بما قام به ترامب، فقد سعد به أيضاً من يتصيدون وينتهزون أي حدث للإساءة إلى العرب، وبالتحديد إلى شرفاء العرب وعقلائهم، فمن بين التظاهرات والاحتجاجات ما شهدته مدينة فلسطينية حيث كيلت الاتهامات للدول العربية المعتدلة، بل وصل الأمر والحقد إلى حرق أعلام عربية إلى جانب العلم الأمريكي والإسرائيلي، وكأنهم يحملون هذه الدول مسؤولية تآكل الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وأن هذه الدول مسؤولة عن اختلاف وحتى تنازع وتحارب الفصائل الفلسطينية والقيام بحروب وكالة ضد بعضها البعض خدمة لملالي إيران وقطر وتركيا.

التظاهرة أحرقت بها الأعلام العربية، ومنها علم يجب ويفترض من كل عربي ومسلم أن يقدسه لأنه يحمل عبارة التوحيد، فكيف سيكون موقف مواطني هذا البلد المقدس، وموقف كل من يقدس ويؤمن برسالته؟.

وبصراحة كيف سيكون موقفنا كسعوديين ونحن نرى راية التوحيد تحرق في إحدى تظاهرات غزة؟ كيف سيكون موقفنا ونحن نرى المساعدات السعودية تقدم لمن يحرق راياتنا وراية المسلمين؟.

كيف سيكون رد فعلنا ونحن نرى ما تقدمه دولتنا الرشيدة من دعم مالي وتساعد الحكومة الفلسطينية في توفير رواتب للموظفين الفلسطينيين وبعضهم من شارك في تظاهرات غزة؟.

ماذا يريد هؤلاء المؤجرون الذين ينفذون أوامر الإساءة للدول المعتدلة وللمملكة العربية السعودية بالتحديد؟.

هل يريدون منا أن نرسل قوات للحرب بدلاً منهم؟ ألا يكفي أن بلادنا تدعم القضية الفلسطينية سياسياً ومالياً وتقدم كل شيء للحفاظ على القضية الفلسطينية حية غير منسية.

ألا يكفي احتضان السعودية لملايين الفلسطينيين على أرضها وخارج أرضها ليقوم نفر مأجور بالإساءة إليها.

الإساءات المتكررة التي تسرب بعض منها لوسائل الاتصال الإلكتروني ومواقف المأجورين من الفلسطينيين وغيرهم للمملكة العربية السعودية تثير وتغضب المواطنين السعوديين كثيراً، ومع أن قيادتنا الحكيمة التي دائماً تضع القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياتها، لن تتأثر بما يفعله ويقوم به «الأقزام المستأجرون» إلا أن حتماً ذلك يثير اشمئزاز وغضب المواطنين السعوديين جميعاً.