عبدالهادي السعدي

سبعون عاماً والأقصى وراء القضبان، تكمِّمُه وتطاردهُ لعنة الفيتو، سبعون عاماً وخنجر الموت مغمدة حتى النصال في خاصرة التاريخ العربي، حتى تكسرت النفوس، وبحت الحناجر، وتحطمت أحلام الأجيال، على صخرة العناد المر.

أيتها العرب العاربة والمستعربة، يا أبناء الغزوات والخصومات، والخيارات الصعبة، بين الصدر والقبر، يا أحفاد داحس والغبراء، والبسوس وأيلول، الأسود، والأصفر، والأحمر، وثورات العسكر الفادحة التي جاءت بالفقر والأمية، وقمعت الناس حتى الموت.

يا أبناء الصراعات والخلافات، التي عصفت بكم وبمقدراتكم وبأجيالكم، حتى سئم منكم الصديق قبل العدو، وطال شركم البعيد والقريب، كفاكم عدائية! كفاكم انتقائية ونرجسية! وأنتم تناصبون شعوب الأرض العداء، تجرمون هذا، وتقصون ذاك، استيقظوا من وهمكم، وأحلامكم الزائفة، فإن العالم تجاوزكم بآلاف السنين، كفاكم جهلاً وأنتم تحملون "أميركا، وإسرائيل، ونيكارغوا، وزمبابوي"، وزر أخطائكم وخيباتكم الفادحة، والتي تعصف بكم منذ ألف سنة خلت. عودوا إلى العقل والموضوعية ومارسوا الحياة كما هي في الواقع وليس كما في عقولكم وواقعكم الافتراضي، تصالحوا مع ثورة "أديسون، وإنشتاين" التي أضاءت سماء العالم بعد أزمنة سحيقة من الظلام الدامس، لا تجافوا الحضارات الإنسانية، وانهلوا من علومها الغزيرة اخرجوا من قواقعكم، وعيشوا الحياة بشكلها الإنساني. أقبلوا على الحياة، وابتعدوا عن تفخيم وتقديس الموت، بدلوا انتماءاتكم الأيديولوجية والمذهبية بالوطن، والإنسان، عبر الانتماء للحارة، والمدرسة، والجامعة، انحازوا للعقل والتجربة الحية، لا إلى التأويل والخرافة، استفيدوا من تجارب الشعوب والأمم التي بنت وعمرت وزرعت وتفوقت، تفانوا في أعمالكم وأخلصوا لها، واجعلوا كفوفكم بيضاء نظيفة، افتحوا نوافذ بيوتكم للريح، اندمجوا مع محيطكم حاوروا أبناءكم، ولا تجعلوا العلاقة بينكم وبينهم رسمية، واضحكوا معهم، وثقوا بهم، تحرروا من العادات والتقاليد البالية، التي خلفتكم ووضعتكم في ذيل قائمة العالم المتحضر، التهموا العلوم والكتب بنهم، لتعوضكم سنوات التخلف، والأمية المرة، التي عشعشت في مدارسكم، وجامعاتكم، لتخرج المتخلفين من الانتهازيين، واللصوص، وأنصاف السياسيين الذين بنوا السجون، والمعتقلات، وأهملوا المدارس، والمستشفيات، وقمعوا المواطن العربي بالرفاق، وزوار الفجر، وأوقفوا التنمية، ورفعوا الشعار الكارثي والمدمر، لا صوت يعلو على صوت المعركة.