بولا أسطيح

احتدم السجال المباشر بين تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» بعد فترة من الأخذ والرد عبر قنوات خلفية وعن طريق مصادر غير معلنة. وتدهورت العلاقة بين الطرفين بعد إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته وما تلاها من اتهامات لـ«القوات» بالوقوف في غير صفه. وما ساهم في تنامي الخلاف إعلان الحريري مطلع الأسبوع الحالي أن «هناك أحزابا سياسية حاولت أن تجد مكانا لها في هذه الأزمة من خلال الطعن بالظهر»، متوعدا بـ«تسمية الأشياء بأسمائها وببق البحصة»، التي وصفها بـ«الكبيرة»، قبل أن يعود ويتراجع معلنا تأجيل مقابلته التلفزيونية.


لكن ما لم يقله الحريري، قاله الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري، أمس، متحدثا عن «علامات استفهام كبيرة مع (القوات اللبنانية) بشأن الأداء الحكومي». قائلا: «نحن بحاجة للأجوبة».
وقد أثار موقف أحمد الحريري استياء عارما لدى «القوات» انعكس سجالا بين مسؤولين وقياديين في الحزبين كما بين المناصرين على شبكات التواصل الاجتماعي. وشدد النائب في حزب «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا، على أن كلام أحمد الحريري مرفوض تماما، لافتا إلى أنه «من المعيب توجيه الملاحظات أو حتى الأسئلة حول أداء القوات». وقال زهرا لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا ندين بتفسير أو بأي اعتذار لأحد، ونحن مسؤولون فقط أمام الشعب اللبناني»، متحدثا عن «إجماع وطني رسمي وشعبي حول الأداء المميز والشفاف لوزراء القوات، ما يجعلهم يَسألون ولا يُسألون». وأضاف: «هل التمسك بتطبيق الدستور والأنظمة والحرص على الشفافية أمور يتوجب شرحها؟».
وردا على سؤال عما إذا كانت الجرة قد انكسرت بين «القوات» و«المستقبل»، قال زهرا: «هذا الموضوع برسم الرئيس الحريري وليس أي شخص آخر، باعتبار أننا نبني على ما يقوله هو شخصيا». وأضاف: «نحن والمستقبل نلتقي في السياسة حول مشروع واحد منذ ما قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبالتالي استمرار الرفقة السياسية مع المستقبل منوطة بتمسك الرئيس الحريري بالثوابت الوطنية التي قامت عليها مسيرتنا سويا».
وفيما فضّل عدد من نواب «المستقبل» التريث في التعليق على الموضوع والدخول بسجال بشأن العلاقة مع «القوات»، مشددين على وجوب ترك الكلمة في هذا الملف للرئيس الحريري. قال مصدر نيابي في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن الغيوم تتلبد أكثر فأكثر بين الطرفين، لكن الكلمة بالنهاية للرئيس الحريري وهو وحده الذي سيكشف حجم البحصة وفحواها».
وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة، غسان حاصباني، أنه «ليس لدى (القوات) أي معطيات عن (بحصة) الحريري»، وقال: «نحن نعول على الرشد السياسي لأجل الاستقرار». وعن العلاقة مع «تيار المستقبل»، أكد حاصباني في حديث إذاعي أن «هناك من حاول إحداث شرخ وهناك محاولات سابقة حاولت أن تجر (تيار المستقبل) إلى مكان آخر، وحتى اليوم هناك تساؤلات لدى جمهور (المستقبل): أين أصبحت مبادئ الحرية والسيادة وأين نحن ذاهبون؟ واليوم من حق القوات أن تسأل لماذا هذه الهجمة من مصادر مقربة من الحريري عليها، وما هدفها؟» وأضاف: «كما نريد أن نعرف ما الهدف من الهجوم على (القوات)؟ هل هو لتحييد الأنظار عن النأي بالنفس؟».
من جهته، رفع رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور من سقف السجال، فقال في تصريح له إن «كلام أحمد الحريري عن القوات غير مقبول على الإطلاق، ولا يحق له إطلاقا رمي الاتهامات جزافا لارتباطات معينة أو لحرف النقاش السياسي». وأضاف: «على حد علمي لم يطلب الحكيم (جعجع) أي موعد من الرئيس الحريري، ومن قال إن الحكيم يريد رؤية الشيخ سعد؟».
وسارع المنسق العام لهيئة الشؤون الإعلامية في «تيار المستقبل» عبد السلام موسى، للرد على جبور فقال: «يبدو أنّه قرأ تصريحات الأمين العام لـ(تيار المستقبل) أحمد الحريري بالمقلوب، وهو لم ير أي إيجابية بقوله إن كلام الرئيس سعد الحريري عن الطعن بالظهر، لا يقصد (القوات) ولا الدكتور سمير جعجع، وإن (تيار المستقبل) يعمل على قاعدة التوافق السياسي وليس على قاعدة الاشتباك السياسي مع (القوات) أو غيرها». وأضاف موسى: «أما إذا كان السيد جبور قد استثارته مطالبة الأمين العام أحمد الحريري بتوضيحات عن المرحلة الماضية، فإن هذه الاستثارة لا تراعي ترشيد العلاقات إذا كانت تحتاج إلى ترشيد، ولا التأكيد عليها إذا كانت المرحلة تتطلب مثل هذا التأكيد». وختم قائلا: «وفي سائر الأحوال، سنعتبر ردة فعل السيد جبور كأنها لم تكن، لأن العلاقة مع القوات أوضح وأعمق من أن تعالج بالصراخ».