علي القاسمي 

جملة من التهديدات والتحديات التي كانت تحيط بوطن شجاع وصبور كالمملكة العربية السعودية، تعامل معها- والتاريخ يشهد- بهدوء لافت وبالقدر الذي يستحقه كل مهدد وكل تحدٍ، على رغم أنه كلما نشأ ملف جديد أو طفت حكاية إلى السطح ظهرت وجوه تزايد وعقول تحاول ضرب النسيج الوطني ونشر الفتن وتعرية نياتهم بما لا يدع مجالاً للشك في أن هؤلاء أخطأوا الطريق أو عجزوا عن التعبير الجاد الصادق. وفي جملة الدوائر المتشابكة وحين كانت الجراح تنمو هنا وهناك، كان الوطن ومواطنوه في الموعد وحائط صد شهم ونبيل في وجه أي تهديد أو محاولات مستفزة للتفتيت والتفريق.

أكتب هذه الأسطر عقب كلمة خادم الحرمين الشريفين أمام مجلس الشورى السعودي، حيث حملت هذه الكلمة خارطة الطريق، وتضمنت خطوطاً عريضة يمكن المدقق فيها أن يعرف كيف كان مشوار هذا الوطن مليئاً بالصمود والتنبه واليقظة لعدد من الجبهات في آن واحد، وكيف يمضي إلى المستقبل لتحقيق ما تيسر من الطموحات والأمنيات، في كلمة الملك سلمان تفاؤل بالمستقبل للحد الذي نقف معه الند للند مع أوجاعنا الكبيرة. هذه الأوجاع نذهب لتقليم أظافرها يوماً بعد يوم، ونعلن أنها ستكون للنسيان، لكن ذلك يحتاج وقتاً وحماساً منقطع النظير. حمل الملك جملاً ساخنة، ولعل أهمها أنه لا مكان بيننا لمتطرف يرى الانحلال اعتدالاً، مستغلاً العقيدة لتحقيق أهدافه، كما أنه لا مكان لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال واستثمار يسر الدين.

الرسالة السعودية الأبرز والأهم هي مستقبل بلا تطرف، مستقبل وسطي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني السلام والتعايش والسير من دون منغصات كانت تضيع معها جهودنا وأفكارنا وأوقاتنا من دون أن نصل بها ومعها إلى نقطة ختام، التطرف بات مرفوضاً من الطرفين، والذهاب إلى المنتصف ونقطة التوسط والالتقاء هو الوجه القادم للبيت السعودي.

المستقبل سيكون محاطاً ببشائر النمو والسمو والتنمية والتغيير في أوجه الحياة المتنوعة، تغيير يذهب بنا إلى الأعلى والأفضل. سيكون الشأن الداخلي السعودي متحمساً لمواجهة الإرهاب والتطرف والفساد، فذكريات المواطن السعودي مع هذا الثالوث ذكريات سوداء ولا يريد أن يزرع في ذاكرته أي صفحة مشابهة تتعلق بها. ستكون مهمته القادمة مرتكزة على مسح السواد ونسيان الماضي وقطع الجذور التي ينمو معها ثالوث الشر، المهمة لم تكن ميسرة في ما مضى، ويعرف الجميع أنها من الصعوبة بمكان، لكن رؤية السياسي وحزمه سيذهبان بالبلد نحو إصلاح ننشده وتغيير نستحقه. حاجات المواطنين لم تغب مطلقاً عن رؤية القائد ومستقبل البلد، كان الإسكان سطراً بارزاً وحاجة رئيسة تحقق الأمان والاستقرار، والقادم أجمل. لم يكن الداخل وحده هو الهم المستقل، بل إن المحيط القريب والبعيد يأخذ كثيراً من اهتمام الوطن المعطاء، والدور الريادي الذي تقوم به السعودية لا ينكره إلا جاحد أو حاقد، لكننا لن نعدم المنصفين ولا أولئك الذين يعرفون جيداً ماذا تقوم به المملكة العربية السعودية، وكيف أنها تسير بصدق وصبر وصلابة موقف لا يستوجب حضوراً آخر سوى أن تكون صلباً.