فهد عريشي 

صناعة السينما في السعودية هو انضمام لسوق السينما العالمي الكبير، وتوطينها يعني فتح استثمارات وتوليدا للوظائف، مع أنه لا يوجد أي أساس للصناعة السينمائية السعودية

«الآن، والآن فقط أحلم أن تتحول رواياتي إلى أفلام سينمائية، لأن من كتبت عنهم ولهم يمكنهم أن يشاهدوا حياتهم مجسدة كتاريخ اجتماعي مواز للتاريخ الرسمي»، هكذا كتب الروائي السعودي عبده خال في تويتر بعد موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع على إصدار التراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي. وهذه تعتبر دعوة من الكتاب الروائيين السعوديين لأن نجعل من قرار السماح للترخيص لدور السينما في السعودية فرصة لتأسيس صناعة السينما السعودية التي سينعشها شباك التذاكر، ويجعلها تستمر وتتطور لا أن تكون فقط صالات عرض لاستقبال الأفلام الأجنبية.

هناك الكثير من الروايات السعودية التي تستحق أن تجسد شخصياتها في أفلام، والروايات الفاخرة العظيمة هي المفتاح الذهبي لكسر كل توقعات مبيعات شباك التذاكر.

رواية «ترمي بشرر» لعبده خال الحائزة على جائزة البوكر لعام 2010 هي من الروايات التي أعتبرها المفتاح الذهبي ليتنافس عليها المنتجون الذين يحبون ضمان نجاح تجربتهم في إنتاج الفيلم السعودي، فهذه الرواية تحكي فصولا عميقة وتاريخية وواقعية لقصص الفساد الكبير الذي تحاربه الآن الحكومة وتحاكم رموزه، يجسد بطولة الرواية طارق فاضل الذي انضم للعمل في أحد القصور الغامضة في مدينة جدة المجاورة لحيهم الفقير، الذي أسماه أهله بجهنم لما يلاقونه من ضيم وفقر، يعمل ويسجل اعترافاته واصفا ما يراه من تحلل إنساني وفساد وشر داخل القصر، الرواية صادمة لكنها واقعية ويجب استغلالها كعمل سينمائي يكشف الوجه القبيح للفساد في القصور الكبيرة، كما استغلها منتجو الأفلام البريطانيون الذين تهافتوا للفوز بإنتاج رواية «بقايا يوم» التي كتبها البريطاني من أصل ياباني، والحائز على جائزة نوبل للآداب لعام 2017، كازو ايشيجورو، ووصف فيها أيضا القصور الكبيرة في إنـجلترا وما تحتويه من أسرار واجتماعات واغتيالات ومؤامرات ومداهنات وبيع للضمائر، وجسد بطولة هذه الرواية في فيلم سينمائي «أنتوني هوبكنز» و«إيما طومسون» ليحقق نجاحا كبيرا حاصدا 7 جوائز أوسكار.

صناعة السينما في السعودية هي انضمام لسوق السينما العالمي الكبير، وتوطينها يعني فتح استثمارات وتوليدا للوظائف، مع أنه لا يوجد أي أساس للصناعة السينمائية السعودية إلا أن بعض المجتهدين بجهود شبه فردية نجحوا في الإخراج والإنتاج والتمثيل والتصوير والكتابة والسينارست، وصناعة أفلام سعودية محدودة حققت نجاحات لا بأس بها، قد يكون أحد أهم أسباب نجاحها هو تطلع المجتمع العالمي لفيلم سعودي يصدر من دولة كانت تمنع دور السينما، مثل فيلم «وجدة» الذي كتبته وأخرجته هيفاء المنصور، وشارك مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي كممثل لبلد ينتج للمرة الأولى في تاريخه، ويعتبر أول فيلم سعودي يبيع حقوق عرضه السينمائي لشركات أميركية وأوروبية، ووصفته صحيفة الجارديان البريطانية ضمن الخمسة الأوائل بعد عرضه في مهرجان لندن السينمائي. 

هناك الكثير من القضايا ناقشناها على صفحات الرأي في الصحف وفي البرامج التلفزيونية وعلى منابر المراكز الثقافية وفي تويتر وبقية برامج التواصل الاجتماعي، لكن أن نناقشها بلغة السينما فهذا يعني أن تأثيرها سيكون تأثيرا مغايرا وأقوى من كل تلك المنابر مجتمعة، فللسينما سحرها الخاص، ولها قوتها وتأثيرها وهيمنتها، وبإمكان أي قضية مهما كانت صغيرة أن تصل لكل العالم من خلال فيلم جيد، فكيف بقضايانا التي يجب علينا أن ننقلها لمجتمعنا وللمجتمع العالمي في صورته الحقيقية، ونحاول أن ننجح من خلال صناعة السينما السعودية في تبيين الحقائق التي تحاول بعض القنوات العالمية المؤثرة إخفاءها، لتحقيق رغبتها في تشويه سمعة المملكة العربية السعودية والإنسان والمجتمع السعودي الذي يهدف إلى تحقيق السلام والعدالة والأمان.