سمير عطا الله

 ظل جيريمي باكسمان على مدى عقود أحد نجوم «نيوز نايت»، البرنامج الإخباري الذائع على القناة الثانية في الـ«بي بي سي». وعمل قبل ذلك مراسلاً في حروب كثيرة، من لبنان إلى نيكاراغوا. وفي كتابه الحديث «حياة في الأسئلة»، يسرد تجارب المهنة بكثير من الصدق، خصوصاً عندما يقدم المراسل الحربي كبشري يرتعد من الخوف ويفرح للنجاة، مثل أي إنسان آخر.

ما من شخصيات عربية في الكتاب، باستثناء قصة لقاء مع محمد الفايد، الذي ملأت أخباره الصحف، في الإثارة وفي الدراما، صاحباً لجوهرة «هارودز»، وأباً مكلوماً لعماد الفايد، صديق الأميرة ديانا وشريكها في المأساة المعروفة.
عندما التقى باكسمان محمد الفايد مدة 45 دقيقة في مكتبه، كان الثري المصري لا يزال يشعر بمرارة شديدة حيال بريطانيا وسياسييها؛ إنها البلد الذي وافق على أن يبيعه «جوهرة التاج»، لكنه رفض منحه الجنسية. ومن ثم، فهو البلد الذي «تآمر» لقتل ابنه وديانا، من أجل الحؤول دون زواجهما.
لذلك، أمضى الفايد الدقائق الخمس والأربعين يتحدث إلى باكسمان عن مساوئ الوضع، وعن «المؤامرة» التي أدت إلى مقتل ديانا و«دودي». ويبدو أن الفايد أحس بأن الجو توتر قليلاً، فضغط زراً إلى جانبه، دخلت بعده سكرتيرة حسناء، طلب إليها أن تذهب وتحضر لعبة «هارودز» الشهيرة، وهي «دب صغير».
يمنع على موظفي الـ«بي بي سي» تلقي أي هدية في العمل، مهما كانت رخيصة، لكن باكسمان قبل اللعبة من أجل أن يهديها بدوره إلى منتج البرنامج. ومضى الفايد في حديث المؤامرة، فثقل الجو مرة أخرى، فضغط الزر، فدخلت الشقراء الفارعة نفسها، وطلب منها أن تحضر «مصاصات سكرية» عليها علامة «هارودز»، وقال لضيفه: «هاك، هذه لأولادك». واستمر الحديث، وكان الفايد - وفقاً لصاحب الرواية - يستخدم كلمات غير لائقة في وصف بريطانيا، فثقل الجو من جديد ثقلاً شديداً، فتطلع إلى ضيفه، وسأله: «هل لديك بطاقة (هارودز) الذهبية؟ أنا واثق أنه ليست لديك بطاقة (هارودز) الذهبية»، وضغط الزر، وعادت الفارعة، فقال لها: «أعطنا استمارة بطاقة ذهبية يملأها المستر باكسمان».
تذرع باكسمان بأنه لا يحمل هويته معه، لكنه سوف يملأ الاستمارة ويبعث بها في البريد، ولم يحصل على الغرض الذي جاء من أجله، وهو مقابلة على الهواء مع الرجل الذي وقف في مواجهة التاج.