عبدالرحمن النمري

عندما نتحدث عن أسواق النفط فإننا نجد ارتباطا لا ينفك أبدا بينها وبين "أوبك"، وعندما نتحدث عن "أوبك" فلا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال أو تجاوز قلبها النابض المملكة العربية السعودية. سأسلط الضوء في هذه السلسلة من المقالات على هذه المنظمة ذات الوزن الثقيل، ودور المملكة المحوري والمؤثر فيها وفي أسواق النفط العالمية برمتها. بداية؛

 

أود أن أصحب القارئ الكريم في جولة قصيرة إلى منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، لمعرفة بعض المعلومات المهمة عنها وعن دورها وأهدافها وآلية عملها. أسست هذه المنظمة في العراق وفي مدينة بغداد على وجه التحديد عام 1960، باتفاق كل من المملكة العربية السعودية والكويت والعراق وفنزويلا وأخيرا إيران؛ حيث يطلق على هذه الدول الخمس الأعضاء المؤسسون. بعد تأسيس "أوبك" بعام انضمت إليها قطر 1961، وفي عام 1962 انضمت إندونيسيا وليبيا، وبذلك أصبح أعضاء "أوبك" ثمانية حتى عام 1967 عندما انضمت إليها الإمارات العربية المتحدة، ولحقتها الجزائر بعد عامين أي في عام 1969، ثم نيجيريا عام 1971، والإكوادور عام 1973. واستمر عدد الأعضاء في ازدياد، وذلك بانضمام كل من الجابون عام 1975، إضافة إلى أنجولا عام 2007، وأخيرا غينيا آخر الأعضاء المنضمين إلى هذه المنظمة عام 2017. الجدير بالذكر أنه ومن عام 1960 حتى عامنا هذا، قامت بعض الدول الأعضاء بتعليق عضويتها لأسباب قد تكون سياسية أو اقتصادية، ففي عام 1992 قامت الإكوادور بتعليق عضويتها لمدة 17 عاما،

 

حيث قامت بتفعيلها رسميا عام 2007. وحذت إندونيسيا حذو الإكوادور بتجميد عضويتها في "أوبك" عام 2009 ولمدة سبع سنوات، لكنها قررت عام 2016 تعليق عضويتها مرة أخرى إلى أجل غير مسمى؛ وذلك لأنها لم تصبح دولة مؤثرة في الصادرات النفطية؛ حيث أصبحت تستورد النفط لتلبية حاجتها المحلية من السعودية والكويت وغيرهما، وليس لخروجها تأثير في أداء وفاعلية "أوبك". الجابون تعتبر آخر دولة أعادت تفعيل عضويتها في عام 2016 بعدما تم تجميدها في 1995. ما يهمنا الآن أن عدد الأعضاء في "أوبك" حاليا هو 14 عضوا بين أعضاء مؤسسين وأعضاء كاملي العضوية. يتطلب الانضمام إلى هذه المنظمة موافقة 75 في المائة من أعضائها بشرط موافقة جميع الأعضاء الخمسة المؤسسين السابق ذكرهم في بداية المقال. تشرف "أوبك" على صياغة ورسم السياسة النفطية للأعضاء وفق البنود المتفق عليها المتعلقة بآلية عمل هذه المنظمة. على سبيل المثال لا الحصر، كمية الإنتاج وحصص كل دولة، إضافة إلى آلية التسعير للنفط، وبلا شك الدفاع عن مصالح المنظمة والدول التي تحت مظلتها. كما أنها تهدف إلى تنسيق وتوحيد السياسات النفطية وإيجاد السبل والوسائل لما تقتضيه مصلحة أسواق النفط لتبقى متوازنة مع مراعاة الدول المستهلكة بلا ضرر ولا ضرار. قد يتسع دور "أوبك" إلى التنسيق وتقريب وجهات النظر مع المنتجين المستقلين المؤثرين خارج إطار هذه المنظمة، ودعوة ممثلي هذه الدول في اجتماعات "أوبك" للوصول إلى خريطة طريق تنعش أسواق النفط عندما تمر بمرحلة من التخمة النفطية وتراجع الأسعار. وفي المقالات التالية من هذه السلسلة سأتناول بإذن المولى عز وجل، بعض هذه الاتفاقيات وتأثيرها الإيجابي جدا في أسواق النفط.