أحمد الفراج

 السياسة تشبه الرياضة -في كثير من الوجوه-، وفي أمريكا هذا هو الواقع، فالتنافس بين الحزبين الرئيسين، الديمقراطي والجمهوري، يصل مرحلة التعصّب، في كثير من الأحيان، وغني عن القول إنه لم يسبق أن فاز برئاسة أمريكا أي مرشح لا ينتمي لهذين الحزبين، وفي مرات قليلة، يحدث أن يفوز مرشح مستقل، أو ينتمي لأحد الأحزاب غير الرئيسية بعضوية الكونجرس، أو حاكمية إحدى الولايات، أو أي منصب آخر غير فيدرالي، ولا أدري من منكم سبق أن سمع بأحزاب أمريكا غير الرئيسية، مثل حزب الإصلاح، وحزب العمال، وحزب الاستقلال، وغيرها؟! وفي الانتخابات الرئاسية، التي يتابعها العالم أجمع، يكون التنافس بين المرشحين لكسب أصوات الناخبين «المستقلين»، وهم نسبة لا تتجاوز الـ20 % من مجموع الناخبين، أما البقية فهم ديمقراطيون وجمهوريون، سيصوتون لمرشح حزبهم المفضّل أياً كان، وأياً كان برنامجه!

منذ زمن طويل، تعتبر معظم ولايات الجنوب الأمريكي الزراعية المحافظة، مثل كنتاكي وتينيسي والاباما وميسيسيبي وغيرها ولايات جمهورية حمراء، يكاد يستحيل أن تصوت لمرشح ديمقراطي، فإمكانية أن تصوت هذه الولايات لمرشح ديمقراطي، مثل باراك اوباما مثلاً، تشبه إمكانية أن يتوقف نظام الملالي عن دعم الإرهاب! وفي المقابل، فإن معظم ولايات الشمال، مثل نيويورك، والغرب مثل كاليفورنيا هي ولايات ليبرالية ديمقراطية زرقاء، وتعتبر أوتوماتيكياً في جيب أي مرشح ديمقراطي، عدا في حالات نادرة، مثل يوم أن صوتت كاليفورنيا للرئيس الجمهوري الأشهر، رونالد ريجان، لأنه ينتمي للولاية ويعتبر من أهلها! وهنا نعود للسؤال الكبير، الذي ختمنا به المقال الماضي: كيف خسر المرشح الجمهوري لانتخابات مجلس الشيوخ في ولاية الاباما الجمهورية، روي مور، وهل لذلك علاقة بارتباطه بالرئيس، دونالد ترمب؟!

لم تكن خسارة المرشح الجمهوري بسبب تغيّر توجهات ولاية الاباما، أو بسبب أنه جمهوري، أو بسبب دعم ترمب له، فالولاية ولاية جمهورية محافظة، وقد تكون آخر ولاية أمريكية تميل للأيدولوجيا الليبرالية، التي يمثِّلها الحزب الديمقراطي، وبالتالي فالمرشح الجمهوري خسر، بسبب سلوكه الأخلاقي المشين، فقد اتهمته عدة فتيات بأنه تحرَّش بهن، عندما كنّ في سن صغيرة، أي دون السن القانونية، وكان إعلان ترمب دعمه لهذا المرشح العنصري النزق غلطة كبرى ضمن غلطاته غير المحسوبة، ومع ذلك لا بد من الإشارة إلى أنه خسر بنسبة ضئيلة جداً، أقل من 2 %!، ما يعني أنه خسر بصعوبة، رغم أنه متهم بالتحرّش بالأطفال! وهذا مؤشر على التعصب الحزبي في السياسة الأمريكية، والخلاصة هي أن خسارة المرشح الجمهوري في ولاية الاباما ليست مؤشرا على انحسار شعبية ترمب، بل كانت بسبب السلوك المشين للمرشح، وهذا أمر في غاية الأهمية للجمهوريين!