سمير عطا الله

يتمنى المرء أن يعرف ما هو شعور الذين ابتهجوا بالفيتو الروسي (والصيني) في المسألة السورية وهم يراقبون ماذا فعل بالفيتو الأميركي بأخلاقيات هذا العالم وهو يتحدى 124 دولة في الجمعية العامة، وأعضاء مجلس الأمن برمّتهم؟


كم كان بنيامين نتنياهو على حق عندما وصف الأمم المتحدة بـ«بيت الأكاذيب». هل تعرف لماذا؟ لأن الأكاذيب أجمل من هذه الحقائق. لأن أهم منظمة دولية في التاريخ لا تستطيع أن تفعل شيئاً أمام أفظع مسألة أخلاقية في التاريخ: خطف المدينة التي تُجسد التقاء الكتب السماوية على الأرض.
أقترح على أهل العالم أن يتخذوا المناسبة لإنقاذه من طغيان الفيتو، هذا الاستبداد البطّاش المعطى لخمس «دول كبرى»، باعتبار أن جميع الدول الأخرى صغيرة حقيرة لا حساب لها. هكذا ينتصر في هيئة الأمم مشروع تؤيده جزر مارشال وميكرونيزيا وناورو وباولو وتوغو.
حتى الجارتان إلى أميركا، كندا والمكسيك، امتنعتا عن التصويت. وبقي للمشروع «دول» مثل ناورو، التي لا يزيد سكانها على عشرة آلاف نسمة، بمن فيهم المغتربون. في حين أن الفيتو ألغى إرادة ومواقف دول مثل الهند وألمانيا وإندونيسيا. لا بد من تغيير نظام الأمم المتحدة بحيث يمثل عالم السلام والحرية، لا العالم الذي قام بعد الحرب، وفي عصر الاستعمار وديكتاتورية القمع والاضطهاد.
لعل فيتو القدس يكون آخر فيتو في حق الشعوب والأمم. وتلك لم تكن المرة الوحيدة التي استخدم فيها الفيتو لإلحاق الظلم بالشعوب. فقد استخدمه الروس بقدر ما استخدمه الأميركيون في فرض القهر والظلم، وجردوا الشعوب من حقوقها في الاحتكام إلى نظام دولي عادل. ولطالما تواطأ أصحاب الفيتو في استخدام السلاح السام، يستخدمه كلاهما كلما احتاج إلى العسف في وجه العالم أجمع. وبسبب الفيتو الروسي في مجلس الأمن، تأخر الحل في سوريا، وقضى عشرات الآلاف في عبث التكبر والعجرفة. ولولا هذا الخنجر السام، لاضطر العالم إلى الاتفاق، لينهي النزاع قبل أن يتمدد في جسد سوريا، ويحول عمرانها التاريخي إلى ركام.
ابتدع الفيتو في زمن مختلف بعد الحرب الباردة، وزوال المعسكر الاشتراكي، وتبدل الصين إلى دولة رأسمالية، وما زال هذا الشطط الأممي معتمداً. إنه السلاح الذي تستخدمه الدول الكبرى في ظلم الشعوب جميعاً.