بهجت قرني

وقد أصبح عام 2018 على الأبواب، تكثر -كما هو متوقع- التنبؤات. قمت ببحث مبدئي ووجدت أن هناك بالفعل ما لا يقل عن 69 من هذه التنبؤات، وبالطبع سيزداد العدد مع بداية العام الجديد.

أكثر التنبؤات التي تفوز بالإجماع هي الخاصة بالتكنولوجيا، حتى ولو كان هناك بعض الاختلاف في التفاصيل. نعرف مثلاً أن إنتاج السيارات الكهربائية سيزداد، وقد تصل مبيعاتها إلى نحو 2.200.000 سيارة.

ونعرف أيضاً أن التقدم في وسائل الاتصال الإلكتروني ستزداد وتيرته خاصة بعد التقدم في شاشة الآيفون، وسيزداد في هذه الاتصالات استخدام الفيديو، الذي هو الآن نحو 84%، وتقوم شركة HP بأبحاث حالياً لإنتاج كمبيوترات تتعدى سرعتها ستة أضعاف الكومبيوترات الحالية، وتتقدم الأبحاث أيضاً من أجل القضاء على الشيخوخة، أو على الأقل تأجيلها جذرياً، حيث تتجاوز الأبحاث الطبية الآن نقل القلب أو الرئة أو حتى الدم، لكي تقوم بتغيير دم الإنسان المسن كليةً وضخ دماء شابة مكانه، حيث يؤدي ذلك إلى زيادة الطاقة بالطبع، ولكن أيضاً تغذية الهرمونات والعروق بدم جديد تماماً بعد التخلص من الدم القديم المستخدم لسنوات طويلة.

حياة الإنسان إذن تتم برمجتها والتنبؤ بها، وكما نعلم فإن عدد سكان العالم سيصل العام القادم إلى 7.600.000000 (سبعة مليارات و600 مليون نسمة). ونعرف مثلاً أن بعض المشروعات العالمية العملاقة سيتم إنجازها، مثل: الطريق الرابط بين كينيا وأوغندا ورواندا، ومشروع ربط السكك الحديدية حول لندن الذي تكلّف 15 مليار جنيه إسترليني، ومشروع جزيرتي السعديات وياس في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويأتي في هذا الإطار أيضاً انتهاء الصين من بناء أكبر مدينة في العالم: «جنج جين لي». وبمناسبة ذكر الصين، يقول أحد التنبؤات إن عدد مليارديرات الصين سيزيد عن مثيله في الولايات المتحدة، وإن الاقتصاد الصيني قد يتجاوز الاقتصاد الأميركي في سنة 2018.

ومقارنةً بالتنبؤات التكنولوجية، تبدو التنبؤات الاجتماعية والسياسية صعبة للغاية، لكن مما هو متوقع في هذه الأخيرة الاستمرار في سياسة تقليل القيود على المرأة السعودية، إذ تم السماح لها بارتياد الملاعب الرياضية، وكذلك بقيادة السيارة، كما نعرف أيضاً أن المملكة تُعيد ترتيب بعض أوراقها الاقتصادية، بما في ذلك إقرار الضريبة المضافة وزيادة سعر البنزين مع تعويض المواطنين.

لكن تبقى التنبؤات في المجال السياسي أصعب بكثير، فمثلاً في سنة 2016 لم تتوقع الغالبية الكبرى من الأميركيين -بمن فيهم أعضاء الحزب الجمهوري- فوز ترامب كمرشح لرئاسة البيت الأبيض.

وفي سنة 2017، لم يتم أخذ المرشح ماكرون بجدية، بل توقع غالبية الفرنسيين فوز آلان جوبيه، رئيس الوزراء السابق ذو الخبرة الطويلة في كواليس السياسة الفرنسية والدولية.

وفي منطقتنا، هناك بعض الانتخابات المهمة، برلمانية ورئاسية، لا سيما في مصر وتونس والجزائر والعراق، لكن لا يبدو أن هناك توقعاً بتغييرات كبيرة، بل يبدو أن نمط الصراعات الدامية التي عرفتها المنطقة، من اليمن إلى ليبيا، قد تستمر من دون حل لها أو حسم، وربما تتطور صعوداً وهبوطاً أو تتغير آلياتها من سيطرة الطابع العسكري أو العكس، لكن عموماً ستستمر هذه الصراعات وبصورة حادة أو أقل حدة. ويستمر تدمير العراق منذ 14 عاماً، وسوريا منذ 6 أعوام، ويتواصل كذلك تفكك الدولة في كل من ليبيا واليمن.

ورغم تقدم علم استشراف المستقبل، لا يزال بعضنا يقول: «كذب المنجمون ولو صدفوا». إذا كان هناك خطأ في هذه التنبؤات، فنتمنى أن يحدث هذا في منطقتنا، حيث نرى تسوية لبعض هذه الصراعات العربية أو على الأقل تخفيض مستوى دمار البنية التحتية والكوارث الإنسانية.

وكل عام ونحن جميعاً بخير.