خالد أحمد الطراح 

رسّخ قاموس الحكومات المتعاقبة مسميات وتطوّرات فرضها واقع غير سياسي، وهو أن يكون لدينا وزير سابق بعد شهور أو سنة، ووزير أسبق ايضا، بينما يترسّخ مبدأ التدوير لوزراء، وأحيانا تنازل الحكومة امام اصرار وزير بالاستمرار بالحقيبة الوزارية نفسها، أو الخروج من الحكومة بأكملها؛ اعتقاداً بأن مثل هذا الوزير قد يشكّل انتصاراً للحكومة!


هناك ايضا ممارسة حكومية في توزير أكثر من مرة نفس الشخص، على الرغم مما يثار عنه من ملاحظات وضعف الأداء من قبل، حتى بات معروفا ان لدى الحكومة «صندوقا مبيتا»، أي صندوقا معتقا تحفظ فيه الاسماء للطوارئ الحكومية!
ان مثل هذا النهج الحكومي في التوزير وترسيخ صفات كالسابق والأسبق والتدوير والوزير القديم الجديد، ليس في مصلحة التعاون بين السلطتين، التنفيذية والتشريعية، وهو ما يقود غالبا الى صدام سياسي بين السلطتين، في حين تعتقد الحكومة بأن المشكلة تنحصر في افراط بعض النواب في المساءلة الدستورية، وهو تفسير خطأ طالما ليست هناك قراءة سياسية غير موضوعية، فمتطلبات الحاضر والمستقبل تتطلب مخرجا من هذا المأزق الحكومي في تغيير نهجها في المحاصصة وتخليد بعض الوزراء لمدد فلكية، ولعل أفضل وسيلة للتعرّف على تداعيات مثل هذه الامور قراءة المتاح من الوثائق البريطانية التاريخية عن التطورات السياسية في الكويت، حيث يتأكد ان السلطة الحكومية لها تفسير تاريخي خارج نطاق مواد الدستور، خصوصا في المرحلة التي تناولتها الوثائق للمرحلة ما قبل وبعد الثمانينات، اي مرحلة ما بعد الحل غير الدستوري لمجلس 1976.
يلاحظ من الوثائق البريطانية التي بادرت بنشر جزئها الاول القبس ضمن اصدار خاص، ان ثمة اشكالية تاريخية في التعامل مع الديموقراطية!
واقعيا، يتبيّن ان آلية التوزير ـــ ان وجدت ـــ تبدأ باختيار انتقائي على اساس عرقي او بناء على ثقل متنفّذين، ويتم في ما بعد التوزير من دون ادنى جهد في ربط التحديات مع القدرات الذاتية للوزير المرشح او معايير موضوعية، وابسط مبرر تلجأ إليه الحكومة حين تواجه الاخفاق بسبب سوء الاختيار إلقاء اللوم على التصعيد النيابي، وليس الاعتراف بالخطأ!
المعضلة تكمن في غياب التمعّن في طبيعة التحديات وإفساح المجال للاجتهاد والرضوخ للضغوط في القرار، وليس صناعته وتحصينه!
اما بالنسبة إلى الوزير المحلل (النائب)، فالواضح ان الحكومة تتجاهل احيانا اداء الوزير المحلل، وتتمسك به من دون اي معايير وتقييم قدرات المحلل مع الحقيبة الوزارية التي يمكن ان يتوّلاها.
مثل هذا الواقع جعل الساحة السياسية تتحوّل الى حقل تجارب، في حين يتعاظم الثمن على كاهل الشعب، ويستمر سيناريو إلقاء اللوم على الديموقراطية!