صلاح العتيقي 

 يجب ان نعترف بأن نشر الاكاذيب والاشاعات ليس جديدا على هذا العالم، بل انه من عهود سحيقة يغذّيها الصراع والسيطرة والهيمنة، حيث تستعمل جميع الاسلحة بما فيها الاشاعة بجميع انواعها، ولكن في الوقت الحاضر ومع تسارع الاحداث واختراع الأجهزة الذكية والانترنت وملحقاته من «سناب شات» و«تويتر» و«الانستغرام» و«الايميلات» الى آخره، اصبح نقل هذه الاخبار سواء كانت صحيحة او كاذبة متوافرا في حال وقوعها، فكل من لديه حساب على هذه الشبكة العنكبوتية يستطيع ان يقول ويفعل ما يشاء من دون التعرف على شخصيته في كثير من الاحيان؛ لذلك فهو في حلّ مما يقول، المشكلة الكبرى ان هناك نسبة غير قليلة من الناس تصدق كل ما يقال، بل تقوم بنشره وترويجه، رغم مما يسببه هذا التصرّف من اذى وغبن للكثيرين، فبينما كانت المعلومات في السابق تصدر عن وسائل اعلام مسؤولة وعالية الاحترافية؛ كالاذاعة والتلفزيون والصحف أصبحت تصدر عن أناس، بعضهم فاقد العلم والمسؤولية، بل والاخلاق في بعض الأحيان.
لقد انجرف كثيرون وراء هذا السراب؛ فحتى المعلّقون والناشطون سياسيا أصبحوا يستقون معلوماتهم من وسائل الاتصال، فهم يستسهلون الحصول على المعلومة، وفي سبيل السبق الصحافي، لا مانع لديهم من التضحية بالمهنية التي تعتمد على الحقائق والدقة في من يقدمونها، هناك مشكلة اخرى وهي التلاعب بالصور والبيانات (فوتوشوب) لتبدو مقنعة او صحيحة وهذه الطريقة كانت ولا تزال تستخدم من قبل وسائل المخابرات ذات الامكانات والتقنية العالية، لكنها الآن أصبحت متوافرة ايضا للعامة.
لقد اصبح الكثيرون مدمنين على تتبع هذه الاخبار التي تعتمد في كثير من الاحيان على التضليل وقلب الحقائق.
الآن: ما العمل بعد ان خرج المارد من القمقم ولا يمكن ارجاعه اليه؟ لا بد من العمل على فرز الغث من السمين، يجب أولا ألا نصدق كل ما نراه او نسمعه من اول وهلة، وذلك بإحكام العقل في كل ما يقال ويعرض على الرغم من ان الكثيرين من علماء النفس يقولون ان غالبية الناس تميل الى تصديق الاشاعات، خصوصا اذا كان للانسان ميل او هوى سابق في نفسه، لي رجاء اخير، لا تبعثوا شيئا يتعرّض الى عقائد الناس ومعتقداتهم ولا تبعثوا شيئا يسيء الى كرامات الناس واعراضهم واصولهم، ولا تبعثوا شيئا يسيء الى الدول، سواء كانت عدوة او غير ذلك، فما هو ثابت لديكم قد لا يكون كذلك في الحقيقة.