سمير عطا الله 

رشحت «الإيكونوميست» لجائزة أفضل دولة للعام 2017، بنغلاديش لأنها، رغم حالتها الاقتصادية، استقبلت 600 ألف لاجئ شرّدتهم مجازر ميانمار المجاورة. بنغلاديش أجرها مضاعف بين الدول التي استقبلت النازحين في السنوات الأخيرة بأرقام هائلة: ألمانيا وتركيا ولبنان والأردن. ويجب ألا ننسى إيطاليا في هذا العبء الإنساني. لكن الروهينغا في ميانمار، حالة خاصة لأنها تطهير عرقي وحشي ومتعمد.
نموذج آخر لا يكفّ عن أن يكرر نفسه كل عام: المجموعة الدولية تعجز تماماً عن الحد من جريمة جماعية، ثم تعجز في الحد من مضاعفاتها فتترك جميع وجوه المأساة لدولة ضعيفة أخرى.
ظل العالم طوال سنين يؤيد زعيمة المعارضة أونغ سان سوكي في معركتها ضد ديكتاتورية الجنرالات. ومن أجل ذلك، مُنحت «نوبل السلام». لكن موقفها في مجازر الروهينغا كان مزرياً ومعيباً وأسوأ من موقف العسكريين. وربما كان الأفضل لأهل الجائزة وضع شروط لسحبها أيضاً، لا منحها فقط.
وكان بين مرشحي «دولة العام» أيضاً كوريا الجنوبية بسبب أفضل ممارسة قانونية. فقد حكمت على رئيستها بالسجن، كما أودعت السجن رئيس شركة «سامسونغ»، أكبر وأهم شركة في البلاد. أما الدولة التي تجاوزت الترشيح إلى نيل الجائزة فكانت فرنسا، حيث قلب شاب غير معروف يدعى إيمانويل ماكرون، الوضع السياسي برمته.
خرج ماكرون من آخر الصفوف الخلفية ليتقدم جميع المرشحين للرئاسة. وكان أهم ما في فوزه أنه ألحق هزيمة كاسحة بزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن. وفي فترة قصيرة جداً برز ماكرون كزعيم أوروبي ينطق باسم القارة، بعد التعثر الذي أصيبت به أنجيلا ميركل وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد أعاد لفرنسا الكثير من المواقع التي فقدتها، خصوصاً في العلاقة مع الجزائر، التي تمشّى في شوارع عاصمتها في محاولة لطرد أشباح الماضي الاستعماري.
تلك كانت السنة الأولى من ماكرون. لكن الرؤساء يعطون إفادتهم التاريخية عادةً في نهاية السنة الأخيرة، لكي لا تتكرر مسألة باراك أوباما الذي أُعطي «نوبل السلام» مسبقاً على أساس أنه سوف يحقق الكثير، لكنه لم يحقق شيئاً لسلام العالم. ألم نقل لكم إنه يجب أيضاً وضع شروط لسحب الجائزة؟