عبدالواحد الحميد

تشق المرأة السعودية طريقها إلى المشاركة الفاعلة في تقدم مجتمعها بجدارة واقتدار. وقد استطاعت المرأة السعودية أن تثبت نفسها وأن تحقق إنجازات لافتة بالرغم من الحداثة النسبية لتجربتها، وإن كان إسهامها الاقتصادي الإنتاجي المبهر في القطاعات التقليدية قديم وراسخ وأساسي.

وفي الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، يوم الاثنين الماضي 10 جمادى الأولى 1438 هـ الموافق 7 فبراير 2017م، صدر قرار بتعيين مواطنة سعودية عضواً في مجلس إدارة شركة السوق المالية السعودية «تداول». وجاء في السيرة الذاتية لهذه المواطنة السعودية، وهي سارة السحيمي، أنها تشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة الأهلي كابيتال، وأنها مؤهلة في تخصص المحاسبة وعملت في عدة مؤسسات مالية وبنوك سعودية.

من المعلوم أن العمل في القطاع المالي والبنكي هو عمل فني دقيق للغاية، وان من يعمل في هذا المجال يدرك خطورة ودقة عمله الذي لا يحتمل الأخطاء لما يترتب على أي خطأ يقع فيه الموظف من الخسائر التي قد تكون فادحة جداً وقد تؤدي إلى إفلاس بعض المؤسسات والأفراد. لذلك فإن تعيين شابة سعودية في مجلس إدارة السوق المالية هو خبرٌ ذو دلالة مهمة ويثبت أن المرأة السعودية تستطيع أن تكون على مستوى المسؤولية وتتسنم مواقع وظيفية قيادية في شتى القطاعات الحديثة مثلما كانت منتجة وفعالة في القطاعات التقليدية زمن الأمهات والجدات على مدى الزمن.

المؤسف هو أن هناك كفاءات نسائية عالية مازالت محرومة من الفرص الوظيفية التي تليق بها، ولا أتحدث هنا عن البطالة النسائية عموماً والتي هي مرتفعة جداً وتجاوزت نسبة الثلاثين بالمائة رغم كل الجهود المبذولة من وزارة العمل لفتح آفاق جديدة لعمل المرأة ولكنني أتحدث فقط عن نخبة من النساء عاليات الكفاءة مع أن لكل عاطلة الحق في الحصول على عمل سواء كانت من ذوات الكفاءات العالية أم كانت ذات مستوى عادي، مثلما هو الأمر ـ بالطبع ـ مع الشباب العاطلين عن العمل.

هناك من لا يريد أن تتوظف المرأة حتى يتم توظيف آخر شاب سعودي غير عامل بصرف النظر عن الكفاءة، وهذا يعني أن على المرأة التي تحمل أعلى المؤهلات في تخصص المالية أو التأمين مثلاً أن تنتظر حتى يتوظف الشاب غير العامل حتى لو لم يكن يمتلك أي تأهيل لأن الرجل «هو الذي يصرف على البيت» كما يقال بالرغم من عدم دقة هذا القول الذي حسمه مؤخراً «حساب المواطن» الذي جعل دخل الزوجة ضمن دخل الأسرة عند احتساب المعونة المستحقة، بالإضافة إلى ما نعرفه من واقع الحياة حيث نجد أن العائل الرئيس للكثير من الأسر هو الزوجة المتعلمة الموظفة.

عموماً، أثبتت المرأة السعودية قدرتها على أداء أرفع الوظائف بإنتاجية عالية، ومن المفرح أن يصدر قرار مجلس الوزراء بتعيين امرأة سعودية في أعلى كيان إداري بالسوق المالية وهو مجلس الإدارة، وسيكون القادم أجمل إن شاء الله وستنال المرأة المزيد من الفرص الوظيفية التي تليق بتأهيلها وإمكانياتها.