مشاري الذايدي

قبل ساعات من وصول الرئيس اللبناني الجديد، الجنرال ميشال عون، إلى القاهرة، في زيارة رسمية، أجرت صحيفة «الأهرام» معه حوارًا مثيرًا، به عدة مسائل، نحكي عن واحدة منها.


عون أجاب عن سؤال رئيس تحرير «الأهرام» حول «مستقبل العلاقات العربية مع إيران وتركيا»، بالكلام التالي: «هذه الدول يجب أن تحتفظ بعلاقات متميزة، لأن هناك مصالح كثيرة مشتركة».
وحين توغل السؤال الصحافي على نحو أكثر وضوحًا بأن يكون لبنان «العوني» الجديد العتيد «جسرًا لتفاهم خليجي إيراني، أو عربي إيراني»، ولستُ أدري سر التمييز في السؤال بين الخليجيين والعرب في التضرر من إيران! غير أن الرئيس الذي بالكاد أنهى مائة يوم من ولايته، بادر فقال: «ولمَ لا؟ (...) الإقدام أفضل، فعلى الأقل يكون هناك شرف المحاولة».
الحال أن كل هذا التصوير للمشهد، مغلوط، سواء من قبل عون أو «بعض» الإعلام المصري. على أن ما يجري بين العرب، ومنهم الخليجيون، والجمهورية الخمينية، ليس «خلافًا» سياسيًا عابرًا، ولا عراكًا إعلاميًا، وأهم من ذلك كله - أكرر - ليس شقاقًا طائفيًا، شيعيًا - سنيًا، ولا منازلة قومية بين عرب وفرس.
هذا ما يحاول بعض الإعلام البعيد عن «جوّ» المسألة، قوله.
لولا غزوات إيران وتدخلاتها، لم تكن هناك مشكلة للبحرين، ولا للسعودية، ولا للمغرب الذي طرد سفير إيران في وقت سابق، ولا للسودان، ولا لحكومة اليمن الشرعية، ولا لأغلب الشعب السوري، الذي لا تمثله جبهة النصرة ولا لـ«داعش»، كما توهم البروباغندا الأسدية ومن يطرب لها.
لا... المشكلة مع الجمهورية الخمينية، تحديدًا، هي في النظام المؤدلج بعقيدة شريرة خطيرة، تقهر، أولاً، الشيعة الإيرانيين، مثل عرب الأحواز، وبقية القوميات والطوائف، بل وحتى الشيعة الفرس من أنصار الجمهورية لكنهم يطالبون بإصلاحات، أعني «الحركة الخضراء» المقموعة.
نظام مؤدلج بوصايا مهووس بفكرة السيطرة، بصيغة إمامية، على العالم الإسلامي، فهو «ولي أمر المسلمين»، وهو ليس مجرد رجل دين متطرف، مثله آلاف في هذا العالم، بل إنه أسس لجمهورية تملك المال والسلاح والعصابات لترويج هذه الأفكار، وما العراق الحالي، وسوريا، واليمن، ولبنان، قبل هؤلاء، إلا مسارح لهذا الغزو الخميني المؤدلج.
«حزب الله» اللبناني، ليس حزب مقاومة ولا حالة مقبولة، في دولة طبيعية، بل هو امتداد عضوي أصيل للحرس الثوري الخميني، مهما حاول مسؤول لبناني تلميع صورته، ومن أول واجبات رئيس الدولة، أي دولة في العالم، احتكار السلاح للدولة، وإخضاع الكل، وليس البعض، لسلطة القانون.
للتذكير فقط...
قيل سابقًا: ننتظر على الرئيس عون، ونشاهد، هل تغيّر؟