أمير طاهري

هل يجب على القوى الغربية إعلان جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية وحظرها؟ أم أنه ينبغي عليهم التعامل معها من زاوية تحويلها إلى جدار عازل في مواجهة الإرهاب الإسلاموي؟ على الرغم من طرح هذه التساؤلات في مختلف العواصم الغربية لعدد من السنوات، تجدد بشأنها النقاش في الآونة الأخيرة وبتركيز أكبر عن ذي قبل وذلك لسببين: الأول، مع نهاية إدارة الرئيس السابق أوباما في واشنطن، والشكوك القديمة الراسخة من جانب القوى الغربية حول أي صورة من صور الإسلام السياسي التي تعاود الظهور على مسرح الأحداث. والثاني، أن الإدارة الأميركية الجديدة في حكم دونالد ترمب قد حددت «التدمير الكامل للإسلام الراديكالي» باعتباره أهم أولوياتها ومن دون أن تفصح على وجه التحديد ما الذي يعنيه ذلك.


عكفت الرئاسة الفرنسية في الصيف الماضي على إعداد تقرير حول الأمر، وخلصت من خلاله إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، الحاضرة وبقوة في مجلس مسلمي فرنسا، يجب اعتبارها من المحاور الرئيسية في وضع استراتيجية وطنية تهدف إلى دحر الإرهاب. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016، أعدت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني تقريرا مشابها غير أنه حدد مجموعة من الشروط التي يجب أن تلبيها الجماعات الإسلامية قبل السماح لها بالتفاعل والعمل على المستوى الرسمي في أية جهود مشتركة تتعلق باحتواء خطر الإرهاب ومكافحته.
التقريران جاءا تحت تأثير تحليل الإدارة الأميركية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما للحركات الإسلاموية الراديكالية التي تسعى إلى إحداث تغيير راديكالي في الدول المسلمة إن لم يكن العالم بأسره. ولقد رفض الرئيس أوباما استخدام توصيف «الإرهاب» إزاء أية جماعة إسلامية، وقسم الحركات الإسلاموية إلى نوعين رئيسيين هما: جماعات التطرف العنيف وجماعات التطرف غير العنيف.
بالنسبة لجماعات التطرف غير العنيف، قال أوباما إنه ينبغي على الديمقراطيات الغربية منحها الحرية الكاملة في إطار القانون وإشراكها في السعي لتحقيق المصالح المشتركة. ومن غير المهم إن كانت الآراء المتطرفة أو تصرفات هذه الجماعات غير العنيفة، بما في ذلك قواعد الملابس أو أصول «الهَدْي الظاهر»، تسبب صدمات لمواطني الديمقراطيات الغربية. وليس مهمًا كذلك إن لم تكن هذه الجماعات تشارك مواطني هذه الدول الإيمان بالقيم الديمقراطية، أو حتى إن نظمت الجماعات أساليب حياتها الخاصة وفقًا لما تقتضيه الشريعة الإسلامية أو ما اتفقت عليه من تقاليد وأعراف. وعليه، كل ما كان مطلوبًا منها هو ألا يلجأ أفرادها إلى العنف والعمل ضمن قوانين البلدان التي يعيشون في أراضيها.
وفي المقابل، من شأن تحليل إدارة أوباما إقصاء من سماها جماعات التطرف العنيف، التي تضم الأفراد والمجموعات الذين هم على استعداد لاستخدام الوسائل العنيفة، بما في ذلك الإرهاب، لترويج قناعاتهم وتعزيز وجهات نظرهم. وبالتالي، لن يُسمح لهذا الجماعات بأية مساحة لاستخدام أساليبها العنيفة في مساعيها لنيل مآربها وتحقيق أغراضها.
غير أن تقرير مجلس العموم البريطاني اعتبر تحليل إدارة أوباما «ساذجًا» للغاية ومن المحتمل أن يرجع بنتائج عكسية في أرض الواقع. ولقد حدد التقرير البرلماني البريطاني ثلاثة معايير للتعامل مع ما وصفه بالإسلام السياسي على المستوى الرسمي:
(1) المشاركة في - والمحافظة على – الديمقراطية، وتأييد الثقافة الديمقراطية، بما في ذلك الالتزام التام بتسليم السلطة بعد الهزيمة في الانتخابات.
(2) تفسير التعاليم الدينية على النحو الذي يوفر الحماية للحقوق، والحريات، والسياسات الاجتماعية التي تنسجم تماما مع القيم المعتبر داخل المجتمع البريطاني.
(3) نبذ العنف، واعتبار ذلك التزامًا أساسيًا وواضحًا لا لبس فيه.
من الناحية النظرية، ليس هناك من سبب يدعو أية جماعة إسلامية تعمل في المجتمع الديمقراطي الغربي لرفض هذه الشروط، من الناحية الظاهرية على أدنى تقدير. غير أن المشكلة تكمن، رغم كل شيء، في أنه لا وجود لتعريف عام ومقبول لما يُعرف بـ«الإسلام السياسي». فأحد الآراء، وهو المأخوذ به في إيران، على وجه الخصوص، يدفع بأن فصل السياسة عن الإسلام سيؤدي إلى انعدام الركائز التي يقوم عليها الدين بالأساس. وبعبارة أخرى، أنه ينبغي اعتبار السياسة التعبير الرئيسي للمعتقدات الإسلامية. وهناك علماء مسلمون، على الطرف الآخر من الطيف، خصوصًا بين الطرق الصوفية ورجال الدين ذوي النبرات الهادئة الرصينة، يصرون على أن طرح الدين الإسلامي بوصفه حركة سياسية يُلحق الضرر الشديد بروح الإيمان ومبادئه.
ويصر تقرير لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني على أن «بعضًا من جماعات الإسلام السياسي كان بمثابة جدار الحماية ضد التطرف والعنف». وعبر السنوات العشرين الماضية كان هناك عدد من الشخصيات البارزة من جماعة الإخوان المسلمين من الذين تعاونوا عن كثب مع السلطات البريطانية، بما في ذلك فرقة مكافحة الإرهاب، لتحديد الجماعات المتطرفة التي تخطط لتنفيذ أعمال العنف والإرهاب.
والأهم من ذلك، ربما، أنه خلال حلقة «الربيع العربي»، عملت جماعة الإخوان المسلمين عن كثب مع إدارة الرئيس أوباما لتوجيه الغضب الشعبي العارم ضمن قنوات السياسات الانتخابية والمشاركة في السلطة عبر الانتخابات البرلمانية والرئاسية. ولذا، كان أوباما حريصًا أشد الحرص على وضع نهاية لعهد الرئيس المصري حسني مبارك وظهور قوة جماعة الإخوان المسلمين على رأس السلطة في مصر، حتى إنه وجّه التوبيخ العلني لمبعوثه في القاهرة، فرانك ويزنر، لمحاولته إجراء المفاوضات حول انتقال السلطة مع القائم بأعمال نظام مبارك.
وزعم نقاد أوباما أن جماعة الإخوان المسلمين قد «تسللوا» مخترقين البيت الأبيض. ومع ذلك، يصر ستيف ميرلي، محرر الموقع العالمي لمراقبة جماعة الإخوان المسلمين، على أن أوباما تصرف وفقا لاستراتيجية واضحة تهدف إلى تحويل العالم الإسلامي إلى حليف للولايات المتحدة الأميركية. ولتحقيق هذا الهدف، ساعد أوباما على إزالة الضغوط الدولية الممارسة على نظام الملالي في إيران، وعيّن عددًا من الشخصيات المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين في مناصب مهمة داخل الإدارة الأميركية في عهده، كما سمى سفيرا خاصا للولايات المتحدة لدى منظمة المؤتمر الإسلامي.
في الواقع، لا يعد استعداد جماعة الإخوان المسلمين للعمل مع القوى الغربية من الناحية التكتيكية أمرًا جديدًا، إذ إن كثيرين من المؤرخين المعاصرين، على رأسهم المؤرخ الفرنسي ميشال سورا، أثبتوا أن جماعة الإخوان المسلمين أُسّست في أول الأمر في مصر على أيدي شركة قناة السويس الفرنسية - البريطانية وقتذاك، ونُظمت كقوة لمواجهة أنشطة النقابات العمالية ذات النزعات الشيوعية المتفشية بين مختلف العاملين في القناة. وفي الآونة الأخيرة، على نطاق مصغر، ساعدت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية - بطريقة أو بأخرى - تأسيس حركة حماس، التي هي الذراع الفلسطينية من جماعة الإخوان المسلمين المصرية، كوسيلة لتحقيق «توازن قوى» مع منظمة التحرير الفلسطينية.
أما إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب، من ناحيتها، فهي تنظر إلى جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها «الغرفة الخلفية» للإرهاب الإسلاموي، إن لم تكن القلب الفعلي لحركات الإرهاب العالمية. ولقد دعا فرانك غافني، المحلل السياسي اليميني المقرب من إدارة الرئيس ترمب، مرارا وتكرارا إلى حظر جماعة الإخوان المسلمين والأذرع المتفرعة عنها. ويستند أولئك الذين يدعون في الغرب إلى حظر جماعة الإخوان المسلمين في دعواهم إلى حجج أربع:
1- جماعة الإخوان المسلمين هي المصدر الرئيسي للأدبيات والطروحات الآيديولوجية المستخدمة من قبل الجماعات الإرهابية. وكان من أهم المنظرين داخل أروقة جماعة الإخوان المسلمين في ذلك السياق المفكر الإسلامي الراحل سيد قطب، الناشط الإسلامي الذي أعدمه نظام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، إلى جانب المفكر الإسلامي البارز أبو الأعلى المودودي.
2- كثيرون من كبار قادة تنظيم القاعدة، لا سيما أيمن الظواهري، ثم في الآونة الأخيرة، بعض من قادة تنظيم داعش في مدينة الرقة السورية هم من الأعضاء السابقين في جماعة الإخوان المسلمين.
3- كثيرًا ما تبنَّت جماعة الإخوان المسلمين الخطاب السياسي المعادي للغرب، وبالذات المعادي للولايات المتحدة في الآونة الأخيرة أيضًا، إلى جانب موقفها الظاهر من العداء المباشر لإسرائيل.
4- تاريخ جماعة الإخوان المسلمين مفعم بكثير من أعمال العنف والإرهاب، بما في ذلك حوادث الاغتيالات السياسية، ثم في الآونة الأخيرة، العمليات المناهضة للدولة في مصر. وهذا مع أن معارضي خطة حظر جماعة الإخوان المسلمين، ورافضي اعتبارها منظمة إرهابية، يرفضون تلك الحجج بالكلية مع تقديم ما يستندون إليه من حجج:
الحقيقة أن الجماعات الإرهابية تحتضن الأدبيات التي تمخضت عنها قريحة منظري جماعة الإخوان المسلمين، ولكن لا يمكن بالضرورة اعتبارها ذريعة لتوريط الجماعة في أعمال الإرهاب الصادرة عن تلك الجماعات. ذلك أن الكثير من جماعات الإرهاب اليساري تبنت الأدبيات التي تمخضت عنها قرائح مختلف المنظرين الاشتراكيين أو ربما فلاسفة الإغريق القدامى أمثال أفلاطون. وعلى أي حال، وفي زمانه، كان سيد قطب من المنظرين «المنفردين» حتى داخل أروقة الجماعة الأم ذاتها. وكان أقرب ما يكون من لينين، من الناحية الفلسفية، أكثر من قربه من أي مفكر إسلامي غيره.
وكثير من كبار قادة الجماعات الإرهابية هم أعضاء سابقون في جماعة الإخوان المسلمين. لكن التركيز هنا ينبغي أن يتحول نحو لفظة: «السابقون». فإن كانوا قد تركوا الجماعة فكيف يتسنى للمرء إلقاء تبعات أعمالهم وتصرفاتهم على عاتق الجماعة؟
صحيح أن جماعة الإخوان المسلمين في غالب الأحيان اعتمدت الخطاب المناوئ للغرب عمومًا، ولإسرائيل على وجه الخصوص. ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن أي إنسان يشاركها موقفًا كهذا هو مرتبط بها ارتباطا وثيقا. فكثير من الجماعات اليسارية الأوروبية المتطرفة أيضًا تحمل خطابا شديد الكراهية للولايات المتحدة ومعاديًا لإسرائيل كذلك... من دون أن يكونوا من المؤمنين أصلا بوجود الله، فضلا عن أن يكونوا من المسلمين.
ولقد ارتكبت جماعة الإخوان المسلمين، من دون شك، أعمالاً إرهابية عبر تاريخها. وهي الآن تشارك في حملة عنيفة ضد الحكومة المصرية. إلا أن هذا لا يعني أنها تسعى لتفجير أعمال العنف والإرهاب في أوروبا و/ أو في الولايات المتحدة الأميركية.
على الرغم من هذه الحجج المطروحة لتأييد أو لمعارضة حظر جماعة الإخوان المسلمين، فإن توازن الآراء في كل من أوروبا والولايات المتحدة، يبدو كأنه يتحول بعيدا عن غرض أوباما الهادف إلى قيام تحالف مع «الإسلام الراديكالي المتطرف غير الهادف للعنف». ذلك أن الجماعة محظورة بالفعل في ست دول، بما في ذلك مصر، مسقط رأس الجماعة ومحل تأسيسها الأول. وتستشهد لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني ببعض الأسباب التي تدعو لحجب الثقة عن جماعة الإخوان المسلمين، ولكنها تختتم طرحها بتأييد قرار عدم إعلان الجماعة منظمة إرهابية، قائلة:
«تبنى بعض أنصار الإسلام السياسي إجراء الانتخابات بالطريقة الديمقراطية. والعمليات الانتخابية التي تحول دون مشاركة هذه الجماعات لا يمكن وصفها بالعمليات (الحرة). غير أن الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - حيث يتركز طرحنا - لا يمكن مجرد اختزالها في فريق من (الفائزين) وآخر من (الخاسرين)، وجدير بوزارة الخارجية البريطانية تشجيع مناصري الإسلام السياسي ومناوئيهم على قبول الثقافة الديمقراطية بمعناها الواسع». وتضيف: «تعد جماعة الإخوان المسلمين من الجماعات التي يغلب عليها طابع السرّية في العمل مع هيكل دولي غامض ومبهم. ولكن ذلك من الاعتبارات المفهومة في ظل الاضطهاد والقمع الذي تتعرض له الجماعة في الوقت الراهن».
«بعض من الاتصالات، لا سيما من قبل جماعة الإخوان المسلمين، خرجت برسائل متناقضة باللغتين العربية والإنجليزية. وبعض من الردود التي قدمتها الجماعة كذلك على أسئلتنا خلقت انطباعًا بأن الجماعة تحجم متعمدة عن تقديم الإجابات الشافية المباشرة. وبالتالي، فإن وزارة الخارجية البريطانية لا يجانبها الصواب حين الحكم على أنصار تيار الإسلام السياسي من واقع كلماتهم وأفعالهم».
أيضًا، اعتمد بعض أنصار الإسلام السياسي رؤية شديدة البراغماتية عندما كانوا في مواقع المسؤولية، في حين تبنى البعض الآخر منهم نظرة عقائدية للغاية. ولكن المخاوف من طرح التفسير «السلطوي المقيّد» للشريعة الإسلامية من جانب حزب الحرية والعدالة في مصر كانت تستند في جزء منها على التكهنات بأكثر من الخبرات الواقعية.
هذا، ولم تصنف بريطانيا جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. وإننا نتفق مع موقفها المتخذ في هذا الصدد. فلقد كانت بعض جماعات الإسلام السياسي مثل «الجدار العازل» ضد دعاوى التطرف وأعمال العنف. ومن ثم، تكمن المشكلة الأساسية في الحجج المؤيدة والمناوئة لجماعة الإخوان المسلمين في أنها تستند جميعها على مجموعة من الافتراضات الخاطئة. أول هذه الافتراضات هي أن جماعة الإخوان المسلمين تنظيم مفرد مع هيكل للقيادة يسهل التعرف على أركانه وأنماط عمله. ومع ذلك، خارج الجماعة المصرية الأصلية، فإن هذا الافتراض يصعب التعويل عليه. وفي كثير من الحالات، كان الأفراد والجماعات المنتسبون إلى جماعة الإخوان المسلمين يسعون إلى تحقيق مآربهم ويحافظون على هياكلهم القيادية الخاصة.
وعلى سبيل المثال، وصل الشيخ السوداني الدكتور حسن الترابي إلى قمة سلم الزعامة الوطنية في السودان من خلال التظاهر بالتقارب الوثيق مع جماعة الإخوان المسلمين. وفي وقت لاحق، رغم ذلك، اعترف في تصريح علني بأنه استخدم الجماعة «جوادًا» يمتطيه على طريقه نحو تحقيق غرضه من تأسيس جماعة «جهادية» عالمية.
ولقد صنع ذلك من خلال ما يُعرف باسم «المؤتمر الشعبي الإسلامي» في العاصمة السودانية الخرطوم عام 1993، وانتخاب مجموعة «القيادة العالمية» التي اشتملت على شخصيات مثل أيمن الظواهري، وأسامة بن لادن، وقلب الدين حكمتيار القيادي الأفغاني، وآية الله مهدي كروبي الزعيم «الإصلاحي» الإيراني، وراشد الغنوشي زعيم حزب «حركة النهضة» التونسي، والقيادي الإسلامي عباس مدني في الجزائر. وكان رجب طيب إردوغان، الزعيم المستقبلي لتركيا، حاضرا في ذلك المؤتمر ممثلا عن حزب الرفاه التركي الإسلامي، الذي كان تحت قيادة نجم الدين أربكان آنذاك، غير أنه لم يرتقِ سلم القيادة العليا في المؤتمر.
ومن المثير للاهتمام، أنه لم يكن أي من أعضاء «القيادة العليا» في «المؤتمر الشعبي الإسلامي» عضوا في جماعة الإخوان المسلمين على الرغم من أن أغلبيتهم كانوا متأثرين وربما ملهمين بتاريخ الجماعة، وخطابها الديني.
ووفقًا لتصريح صادر عن الرئيس الإيراني الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، فإن تنظيم «فدائيي الإسلام» الإيراني أسس في أربعينات القرن الماضي كفرع محلي عن جماعة الإخوان المسلمين. وكان المؤسس مجتبى ميرلوحي، الذي كان يعمل تحت اسم حركي هو «نواب صفوي» لإخفاء هويته الأصلية، قد سافر إلى القاهرة وتلقى الأموال والأسلحة من جماعة الإخوان المسلمين المصرية. ومع ذلك، لم تمارس جماعة الإخوان المسلمين الأم في مصر أية سلطة فعلية مباشرة على «جمعيت فدائيان إسلام» الإيرانية. ويصدق الأمر ذاته على كثير من الأحزاب التركية، ومن أبرزها حزب الرفاه والفضيلة، الذي استلهم عقيدته وتلقى دعمه من جماعة الإخوان المسلمين المصرية ولكنه كان محافظًا على استقلاله عن الجماعة الأم في مصر.
ولقد أدى الالتباس الظاهر حول الطبيعة الحقيقية لجماعة الإخوان المسلمين إلى كثير من القرارات السياسية الغريبة. فعلى سبيل المثال، أنشأ الاتحاد الأوروبي وموّل بسخاء ما يُعرف بـ«مجلس الفتوى» الأوروبي الذي يرأسه الشيخ المصري يوسف القرضاوي، المقيم حاليًا في العاصمة القطرية الدوحة والداعية البارز على شاشات التلفزيون الحكومي القطري. ويُعرّف القرضاوي نفسه بأنه «كبير منظّري» جماعة الإخوان المسلمين، في حين أن قيادة الجماعة الأم في مصر لم تعلن عن توليه مثل هذا المنصب بشكل رسمي.
من ناحية أخرى، فإن أولئك الذين يجادلون بشأن إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية العالمية يستشهدون بـ«الحملة العالمية لمكافحة العدوان»، التي كان زعيمها عبد الرحمن النعيمي على ارتباط بجماعات «العنف» في أوروبا والولايات المتحدة. ولقد أسست «الحملة العالمية لمكافحة العدوان» عام 2005 في أعقاب الإطاحة بنظام حكم صدام حسين في العراق، وأصبحت بمثابة المظلة التي تنضوي تحتها عشرات من الجمعيات الخيرية والمنظمات الناشطة في أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط. ومع ذلك، وعلى الرغم من أن «الحملة العالمية لمكافحة العدوان» تضم كثيرًا من شخصيات جماعة الإخوان المسلمين بين قادتها وناشطيها، فإن عددًا قليلاً من الخبراء يعتقدون أن «الحملة العالمية لمكافحة العدوان» لا تختلف في قليل أو كثير عن جماعة الإخوان المسلمين.
ويعتقد خبراء، مثل ستيف ميرلي، أنه يجب وضع جماعة الإخوان المسلمين وكل التنظيمات المتفرعة عنها تحت المراقبة والرصد المكثف والمستمر. ولكن الجدال حول الحظر المباشر للجماعة وإدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية من المرجح أن يستمر لبعض من الوقت.