خالد الطراح

يبرز ويتكرر ويفرض نفسه، بين الحين والآخر، خصوصاً كلما جاء وزير جديد لوزارة الداخلية أو وكيل مساعد للمرور، السؤال: إلى متى الازدحام والاختناق المروري؟!

في الوقت ذاته، ترد وزارة الداخلية موضحة أن المشكلة المرورية ليست مسؤولية الوزارة وحدها وإنما مسؤولية أكثر من جهة رسمية، وهذا الأمر سليم ومنطقي؛ فقد سبق الحديث بصراحة مطلقة بأن المشكلة أساساً تكمن في سوء التخطيط في شبكات الطرق وطاقتها الاستيعابية، ولا شك في أن التأخير في إنجاز المشاريع الجديدة والصيانة المتكررة، بسبب ومن دون سبب، لطرق رئيسية وفرعية يزيدان من تفاقم المشكلة أو الأزمة المرورية، بينما هناك طرق لم تعرفها الصيانة منذ سنوات، ما يضطر البعض إلى الاتصال بوزارة الأشغال وترك أعماله الخاصة لمتابعة طرق انتهى عمرها الافتراضي وتتسبّب في عرقلة السير، إضافة إلى تطاير الحصى الذي أصبح ظاهرة تشتهر بها شوارع الكويت!

الأزمة المرورية، وإن كانت خارج إرادة وزارة الداخلية، فهناك جهود تُبذل من قبل «الداخلية» في تنظيم السير ومعالجة الاختناق المروري بقدر الإمكان، لكن الوزارة لا تمتلك عصا سحرية في تصحيح مسار التخطيط لشبكات الطرق وتأخر إنجاز الطرق الجديدة، رغم ما تحمله لنا وزارة الأشغال من بشائر في الحل، لكن طبعاً كل ذلك يقتضي الانتظار طويلاً، وليس أمامنا سوى الانتظار، لعل وعسى أن نرى الطرق السريعة التي يمكن أن ترفع من المعاناة اليومية وتذمر الجميع!

أزمة مرورية خانقة؛ كالتي نعانيها تتطلب تنسيقاً مشتركاً من جميع الجهات المعنية، وتحديداً الرأي المروري في مداخل ومخارج الطرق وتوقيت الصيانة للطرق، حيث لا بد من مشاركة خبراء الداخلية المعنيين للتثبت من أن التخطيط يتم فعلاً وفقاً لمعايير هندسة مرورية ربما تكون غير حاضرة عند واضعي خطط الطرق، فالموضوع له جوانب مرورية وبيئية وقانونية أيضاً.

بيئياً، نحن نتعايش مرغمين طبعاً مع تلوث بيئي نتيجة الازدحام المروري وانبعاث غازات وملوثات عوادم المركبات، خصوصا انبعاث مواد مضرة بالصحة «لأرخص أنواع الديزل» المستخدم لحافلات النقل العام والشاحنات، وهو مصدر تلوث بيئي وليست الداخلية طرف فيه، ولا لهيئة البيئة مسؤولية، طالما الديزل المستخدم مصرح به تجارياً، لكن في المقابل «تلوم» بعض شركات النقل العام وتحمّل «الحكومة» مسؤولية انتشار السواد والغازات السامة من الديزل، وهو ما أكدته إحدى الشركات الكويتية في مؤتمر عالمي حول النقل والمواصلات في دبي أخيراً، حين وجّه قيادي في إحدى الشركات المحلية الخاصة وهو من الجنسية الأجنبية خلال المؤتمر «اللوم على حكومة الكويت»، بينما الرد عليه جاء من رئيس الحملة الكويتية: «لي متى زحمة»؟! وهو ليس ممثلا من الجهات الكويتية المختصة!

آمل في أن يسهم ما تم استعراضه في توجيه التركيز ليس على حل الأزمة المرورية هندسيا ومروريا فقط، وإنما على أبعاد تلوث البيئة التي رماها البعض على الحكومة الكويتية علنا، بينما يستمر انتشار السموم والغازات المضرة والتلوث البيئي والجهات الرسمية لم تحرك ساكنا إلى اليوم، والشركة تجني أرباحا حتى في ظل التلوث وتوجيه «اللوم على الحكومة»!
خالد أحمد الطراح