علي حماده

حسناً فعل الرئيس سعد الحريري في رده على مواقف الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير الذي هاجم فيه بشدة الدول العربية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين. حسنا فعل بالرد من منصة مجلس الوزراء وليس من أي منصة حزبية، لكي يعطي رده صفة رسمية، في وجه التحريض الذي يمارسه نصرالله من لبنان ضد العالم العربي. 

وحبذا لو ان رئيس الجمهورية، او ممثله الرئيسي في الحكومة وزير الخارجية جبران باسيل قاما بالرد، أقله بمواقف تبرز الفصل الصريح بين ما ادلى به نصرالله، وما يمثل وجهة نظر رأس الدولة الرئيس ميشال عون، والمسؤول عن سياستها الخارجية. 

لكن يبدو أن تصريحات الرئيس عون الاخيرة قبيل زيارته لمصر عن سلاح "حزب الله"، أعادت طرح تساؤلات عن حقيقة تموضع رئيس الجمهورية، وخصوصا أنه أدلى بمواقف أخرى تعكس تموضعه الى جانب نظام بشار الاسد، أكان في المقابلة التي أدلى بها الى قناة تلفزيونية فرنسية، أم بين سطور الكلمة التي أدلى بها في الجامعة العربية في القاهرة. 

لا يهدف كلامنا الى التشكيك في مواقف عون، بل إنه هدف الى التذكير بأن ثمة تسوية كبيرة سار بها اللبنانيون جميعا، أدت الى انتخابه رئيسا، لا يحميها سوى تموضع الرئيس في الوسط، وتجنبه الانحياز أو التورط في الصراعات الاقليمية. ونحن هنا لا نطلب من الرئيس عون سوى ممارسة سياسة داخلية وخارجية متوازنة، وشديدة الدقة، لأن الحفاظ على التسوية وترسيخ الهدوء والاسترخاء السياسيين هما من مسؤولية رئيس الجمهورية، وبيده قبل غيره. 

والتسوية حتى الآن لا تزال قائمة، بالرغم من العثرات الاولى في ما يتعلق بإقرار قانون انتخاب جديد، وخصوصا من خلال سعي "حزب الله" الى فرض نظام انتخابي يقوم على النسبية، لا هدف لها سوى تشتيت المكونات اللبنانية في ظل بقاء سلاحه غير الشرعي سيفا مُصْلَتا على حياة كل اللبنانيين، وعلى القرار السياسي في البلاد، وبالتالي قدرة الحزب المذكور على اختراق البيئات الاخرى تحت عناوين براقة مثل الزعم بتصحيح التمثيل النيابي. 

فلا تصحيح لاي تمثيل نيابي قبل حل مشكلة السلاح غير الشرعي بوجوهه كافة. لذا، يجدر بالقوى السياسية التي كانت حتى الامس القريب تتشارك في منظومة ١٤ آذار أن تتعاضد في ما بينها لمنع ابتلاع البلد بالتقسيط على النحو الذي يبتغيه "حزب الله".

إن علامات عودة التوتر الى الساحة الداخلية اللبنانية حقيقية، ولكنها قابلة للاحتواء مرحليا، إذا ما توافرت إرادة القوى السياسية من دون استثناء، ولا سيما أن التوتر الحالي بسبب أزمة قانون الانتخاب، وتصريحات الرئيس ثم خطاب نصرالله، لا بد ان تنعكس سلبا على مناخات الانفتاح العربي على لبنان وعلى وتيرة هذا الانفتاح، مع ترسخ الفكرة القائلة ان لبنان واقع تحت وصاية ايران و"حزب الله" أكثر من اي وقت مضى. لن تكون هناك اي عودة عربية اقتصادية او شعبية في اتجاه لبنان قبل ان يتغير هذا الواقع. 
ودور رئيس الجمهورية ميشال عون أساسي في تبديد الفكرة السائدة في العالم العربي أن إيران أوصلت مرشحها الى سدة رئاسة الجمهورية في لبنان، وهذا ما ننتظره منه اليوم قبل الغد.