عبدالله خليفة الشايجي

وصل السوريون بلهثهم وراء سراب المفاوضات لفصل ومحطة جنيف-4-منذ جنيف-1-عام 2012-وما بعدها من صراع وفوضى وغياب مرجعية المفاوضات-وفي كل محطة من محطات مفاوضات جنيف يأتي النظام أقوى والمعارضة أضعف، والقتلى والجرحى والمشردون والنازحون واللاجئون والمجازر والجرائم أكثر وأبشع!

ومن معالم المفاوضات العبثية العجز الظاهر للأمم المتحدة بسبب عدم جدية القوى الكبرى، لدرجة تواطؤ بعضها وانكفاء الأخرى، ويتغير المبعوثون الدوليون من كوفي عنان إلى الأخضر الإبراهيمي إلى دي مستورا، ولكن الثابت هو انحياز الوسطاء للنظام وتغطية جرائمه والترويج للسراب، في سوريا واليمن وليبيا والصراع العربي- الإسرائيلي. حتى تنجح أي مفاوضات سلام، يجب توفر ثلاثة عناصر مهمة، أولاً: إنهاك الأطراف المتصارعة، وفقدهم فرص الانتصار في المعارك بسبب الندية بين الأطراف، وثانياً: توفر وسطاء نزيهين يطبقون المرجعية التي أتفق عليها الأطراف المتنازعة مسبقا، وثالثاً: التلويح بالعصا في حال فشلت المفاوضات والجزر والمحفزات في حال نجح الأطراف بالتوصل لاتفاق يُنهي حالة الحرب والصراع! هذه الشروط لا تتوفر في الأزمة السورية، كما أن المفاوضات بلا مرجعية، ولا يُطبق قرار مجلس الأمن 2254، ولا تزال لدى الأطراف قناعة بالانتصار العسكري، فلا جدوى من مفاوضات جنيف أو غيرها! لذلك لا فرص نجاح لمفاوضات جنيف!

كيف يتفاوض من هم ليسوا أنداداً؟ !ومن يدعمهم بوتين روسيا ويقدم نفسه مع إيران ضامنين وهم منحازون! ويهدد بوتين ب«الفيتو» لمشروع قرار يفرض على نظام الأسد عقوبات لقتله شعبه بالكيماوي؟!ولا يبدو أن ما يرشح بشكل مقزز عن جرائم القتل والإبادة الممنهجة للمواطنين والمعتقلين وآخرها ما كشفته منظمة العفو الدولية هذا الشهر عن قتل ممنهج لثلاثة عشر ألفا من المعتقلين شنقا في سجن صيدنايا!دون أن يحرك ذلك المجتمع الدولي، حتى أن تلميح الولايات المتحدة الأميركية بتقديم قرار في مجلس الأمن بفرض عقوبات على النظام السوري بسبب استخدامه الغاز الكيماوي، جوبه برد صارم بالتهديد باستخدام «الفيتو» من روسيا للدفاع عن الأسد!

جميع فصول مؤتمرات جنيف تسوق للسراب، يكسب النظام من القوة والمزيد من الأراضي، ويروج أنه يقاتل الإرهاب نيابة عن العالم! من نصبه؟ في المقابل تزداد المعارضة تشتتاً وضياعاً، وتخسر المزيد من الأرض. بعد أكبر نكسة بخسارة حلب بعد قصف بلا رحمة طال البشر والحجر والمستشفيات والبنى التحتية أعقبه تهجير ديموغرافي طائفي لأهالي حلب ومقاتليها، وذكّر تفقد قاسم سليماني أحياء حلب المدمرة بتفقد شارون أحياء بيروت المحاصرة عام 1982!

إذا على ماذا يتفاوضون في جنيف4..وما بعدها؟! تحولت جنيف من مدينة التفاوض العريقة وحل النزاعات..لشاهد زور على فصول مسرحية التآمر وسراب الحل السلمي، وتزامناً مع بدء مفاوضات جنيف4، يشن النظام وحلفاؤه هجوماً على ريف دمشق الشرقي، ليكرر سيناريو الحصار والقصف والتهجير الديموغرافي إلى إدلب للمسلحين وأسرهم، وهو ما بات نهجاً مكرراً!

وربما قبل جنيف5، حسب مخططهم سيستهدفون إدلب، التي جمع النظام وحلفاؤه بخبث المسلحين من كل مكان في سوريا، مع عائلاتهم ليجهز عليهم في تكرار لمأساة وجرائم حرب حلب.

رفع السوريون في معرة النعمان يوم بدء مفاوضات جنيف-4-لوحة معبرة تختصر الكثير وتنسف مسرحية تسويق وبيع السلام«فما للضمآن في جنيف ماءُ!»

تعادلت محطات جنيف العبثية مع مؤتمرات الدول المانحة لمساعدة الشعب السوري التي بدأت في الكويت، خلال الأعوام الأربعة الماضية، وجمع ما يقارب 8 مليارات دولار، لكن المؤتمرات الإنسانية الكويتية لم تنافس سباق الدم والدمار والتنكيل وقتل البشر وتدمير الحجر المتعمد! في كل جنيف يأتي النظام أكثر جرأة وأكثر قوة وثقة، وقد كسب المزيد من الأراضي على حساب المعارضة التي تبدو أكثر تفككاً! وللتذكير روسيا والصين استخدما الفيتو 6 مرات منذ اندلاع الثورة. وسط صمت أو رفع اليد من إدارة أوباما وعدم قدرة أوروبا على تشكيل موقف يردع الأسد وحلفاءه من الاستمرار في قتلهم الممنهج واستخدام القوة المفرطة. لكم الله يا أهل سوريا!