حمود أبو طالب

بعد إنشاء هيئة الترفيه وصمتها وسكونها لفترة انهال عليها النقد المطالب بتوضيح هويتها ورؤيتها وإثبات أنها موجودة من خلال أي مبادرة أو فعل له علاقة بالترفيه،

وبعدما تحركت بحذر وترقب وشيء من الخجل والتوجس انهال عليها نقد جديد معاكس للنقد السابق، يتهمها بالتمادي والتجديف والخروج عن الثوابت وخلخلة عقيدة المجتمع، وطبعاً لا بد من استخدام التهم التقليدية المجانية التي تُلقى جزافاً منذ وقت طويل كالتغريب وخدمة الأعداء وما شابه ذلك من مصطلحات، وكأن الهيئة المسكينة نقلت مسرح الليدو أو المولان روج إلى المملكة، أو استقدمت عروضا من برودواي، أو تعاقدت مع شاكيرا وبيونسيه لإحياء حفلات صاخبة في مدن المملكة، رغم أن كل الحكاية إلى الآن لا تزيد عن استعادة ما كان موجوداً في الماضي ويتم بصورة طبيعية دون ضجيج وافتعال أزمات، مجرد حفلات غنائية بدأت في جدة والرياض، ونوايا لتقديم بعض العروض الترفيهية التي ملّت منها شعوب العالم.

واللافت في الأمر هو التصعيد الذي حدث مؤخراً وامتلأت به مواقع التواصل، وبلغ حداً لا يمكن أن يحدث في أي مجتمع يعيش في القرن الحادي والعشرين، فئة قليلة تضخم الموضوع وتهدد بالويل والثبور، ومجتمع يحاول إعلان قراره بالخروج من الشرنقة وممارسة حقه في الترفيه كبقية مجتمعات العالم. إنني أتخيل كيف سيكون انطباع أي شخص في هذا العالم عندما يقرأ هذا الجدل المحتدم حول موضوع اسمه (الترفيه). كيف ستكون قوة الصدمة عندما تعرف شعوب العالم أن شعباً على كوكب الأرض يستنزف وقته في صراع حول شأن طبيعي يحتاجه أي كائن بشري، وكم سيكون حجم فضيحتنا ومدى سخفها عندما تتناقل وكالات الأنباء خلاف الشعب السعودي حول ما إذا كان طبيعيا وضروريا حقه في ممارسة الترفيه أم لا.

لقد فضحتنا وأضرتنا هذه العقول المتكلسة التي تريد فرض سلطتها على المجتمع باختلاق قضايا سخيفة شوهت سمعتنا وحولتنا إلى شعب كاريكاتوري تتسلى الشعوب الأخرى بمتناقضاته.