سمير عطا الله

المخيّمات الفلسطينية في لبنان، مثل أي مخيّم في أي مكان في العالم، معسكرات بؤس وهوان. والفارق الوحيد عن سواها أنها أصبحت بعد 60 عاماً، من الإسمنت، الأقل أو الأكثر قسوة من الخيام، وفق الفصول. وداخل هذه الملاذات البشرية، انعكست دائماً صراعات الخارج، الفلسطيني أو العربي. وفي غياب الآفاق والفرص، نمت التيارات المتناقضة. والدولة اللبنانية ممنوعة من الدخول والتدخل، وليس لها سوى حراسة المداخل والجوار. وممنوع من الخروج والعمل عشرات آلاف اللاجئين. وإذا ما خرجوا، بالكفاءة العملية التي عرفت عنهم، فإنهم سوف ينافسون الأيدي اللبنانية، التي هزمتها اليد العاملة السورية، التي ترتضي، بسبب ظروفها البربرية، ثلث الأجر اللبناني.


مشكلة مركبة معقدة، ومأساة مشتركة يواجهها لبنان والأردن، بدرجات متفاوتة، جميعها صعب. وقبيل انعقاد القمة العربية في عمان، وجد المناضل أحمد جبريل، الحل كعادته، إذ وجه الدعوة من طهران إلى تحرير فلسطين «فوراً» من الأردن، دون الالتفات إلى قرار ملكها أو دولته. ولا أحد يعرف ماذا ينتظر منذ أربعين عاماً: فهذا هو الأردن. وهذه هي فلسطين. وهذه هي إسرائيل.
من الآن حتى الموعد المجيد، ثمة حالات إنسانية أكثر عجلة وضرورة، منها مخيّم اليرموك، القريب من مقر «القيادة العامة» في دمشق. وثمة مسؤوليات على القمة العربية حيال مخيمات الأردن ولبنان. ليس في الخطب، فلم يعد أرشيف الأمم المتحدة يتسع لورقة إضافية واحدة. ولكن في دعم قوة لبنان والأردن على احتمال العبء القومي المزدوج، في انتظار موعد أحمد جبريل مع التحرير الكامل، من النهر إلى البحر. وهذا بالتأكيد ما جعله يختار الأردن مدخلاً بدل الجبهات الأخرى وشعوبها وحكامها.
ينسى زعيم القيادة العامة أن منظمة التحرير حاولت مرتين تحرير فلسطين، من عمان، ومن «جونية». ثم حاول صدام حسين تحريرها من الكويت. وكانت النتائج كارثية على فلسطينيي البلدان الثلاثة وعلاقتهم مع شعوبها. الفلسطينيون في حاجة أولاً إلى عمل عربي ينقلهم من مستوى حياة المخيمات ولو ظلوا فيها. وكفى قولاً إنهم يجب أن يظلوا متأهبين في مخيماتهم لكي لا ينسوا قضيتهم. فمن منهم نسي قضيته في الحياة الكريمة والعادية؟
ثمة تحركات مريبة في مخيمات جنوب لبنان كانت سبب زيارة الرئيس محمود عباس، الذي قيل إنه أوكل إلى الجيش اللبناني التصرف. لكن هذه خطوة بسيطة في قضية هي الجزء الأكبر من القضية الفلسطينية. ومهما تسرب العرب في قضاياهم وحروبهم، سوف تظل هذه مسؤوليتهم الأولى..