سمير عطا الله 

 القرن الماضي كان قرن الحروب في آسيا: كوريا ومنشوريا وحرب الأفيون وحروب الفيتنام وكمبوديا وحروب شبه القارة الهندية وتشققها والحرب الأهلية الإندونيسية وسواها. دفعت آسيا ثمناً باهظاً في «قرن العنف» الكوني، لكن قبل أن ينتهي، بدأت بخطوات واسعة وثابتة التقدم على طريق المستقبل.


وكانت ماليزيا أول نموذج إسلامي آسيوي للازدهار الباهر. وخرجت إندونيسيا من التعثر السياسي والاقتصادي وسنوات الديكتاتورية لتنضم إلى «مجموعة النمور الآسيوية». ولم تعد أكبر دولة إسلامية مجرد عضو في كتلة سياسية، بل تحولت إلى رائدة أساسية ودور أساسي في شؤون العالم وقضايا الإسلام.
الملك سلمان ليس أول عاهل سعودي يولي آسيا الإسلامية هذا الاهتمام. الأول كان الملك عبد العزيز الذي قدم لشعوبها آنذاك، وقبل تحولها إلى دول مستقلة، كل ما كان في طاقته. لكن الملك سلمان هو أول حاكم عربي يرفع مستوى التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي إلى مثل هذه الذروة. ليست مجرد دولة ودية بين العمالقة الآسيويين، بل تتويج غير مسبوق لـ«طريق الحكمة» الذي سلكه في العلاقات الإسلامية والدولية منذ البداية. وفيما تمر صورة الإسلام في مأزق جانبي، حرص على أن يقدم للعالم، الصورة الأصيلة للإسلام والمسلمين ودورهم ومكانهم في هذا العالم.
بدأ جولته التاريخية في آسيا الإسلامية كمقدمة للمحادثات والاتفاقات والآفاق مع اليابان والصين، دولتي المستقبل العالمي. إنه يحمل إليهما، ليس فقط معاني الشراكة الثنائية الكبرى، بل معاني ونوايا الوجود الإسلامي المجاور لهما. وفي صفته الدينية والقومية، يريد أن يؤكد أن «طريق الحكمة» هو أيضاً طريق السلام والعمل والبناء. كم عدد البلدان الآسيوية التي ترى في السعودية امتداداً روحياً ومادياً لها؟ كم ملايينها عملوا في المملكة؟ وكم من شركاتها ازدهرت هناك. وكم من عائلاتها وجدت في الاقتصاد السعودي معيلها الأساسي. لا يمكن لأهل هذه الدول وقادتها أن ينظروا إلى زيارات الملك إلا من المنظار التاريخي الكبير. علاقات رحبة في الماضي، ورحابة بلا حدود في المستقبل. وصورة رجل الدولة الذي لم يتوقف عن البناء والإنجاز وأن يكون هو النموذج.
هو الذي يسبق مساعديه في العمل. وهو الذي يسبق وزراءه إلى التنبه لأمور الناس. وهو الذي يسبق الدول الصديقة إلى رفع معاني وأصول الصداقة إلى أعلى مراتبها. تذكر جولة الملك سلمان بن عبد العزيز في آسيا بجولته في دول الخليج: تحويل السياسة بين الشعوب إلى حكمة وقلب.. . .