عبدالله جمعة الحاج

من الأحاديث التي تم تبادلها بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وفخامة الرئيس عمر حسن البشير رئيس جمهورية السودان الشقيقة، ومن تقليد الرئيس البشير «وسام زايد من الطبقة الأولى»، يتضح كم هو عزيز وغالٍ، ومحبوب السودان برئيسه وشعبه وأرضه وكل ما فيه لدى قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة وشعبها الوفي.

الأحاديث التي تبودلت أثناء لقاء الزعيمين كانت تاريخية ومعبرة وصادقة أوضحت أن السودان قد عاد فعلاً إلى أهله وعشيرته بعد طول غياب، وربما ابتعاد أدخلته فيها جماعة «الإخوان المسلمين» بتخبطاتهم وألاعيبهم السياسية غير الحكيمة، حين انتزعوا السودان من وسط بيئته العربية جرياً وراء أيديولوجية عقيمة، لكي يضعوه في أيادٍ أجنبية غريبة عنه كادت، بل بدأت في العبث به وبمقدراته وشرعت في تشييع أهله. لكن وعي السودان والسودانيين لواقعهم جعلهم يعودون سريعاً إلى أهلهم الذين يحبونهم أيما حب، خاصة دولة الإمارات وقيادتها وشعبها.

في السنوات الأخيرة تكررت زيارات الرئيس السوداني إلى عدد من دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي يعكس تحولاً كبيراً في توجهات الطرفين إلى بعضهما بعضاً، وقد عاد ذلك الأمر على السودان بالخير الكثير، وينبئ بتدفق المزيد من المواقف الإيجابية الخليجية تجاه السودان، وربما أن من أهم ما أسهمت به دولة الإمارات تجاه التخفيف من معاناة السودان مع المجتمع الدولي هو التخفيف من وطأة العقوبات المفروضة اقتصادياً ومالياً على السودان، فهذه مسألة كبرى يحتاجها السودان كثيراً في هذه المرحلة لإصلاح الاقتصاد الذي يعاني كثيراً من العقوبات الدولية المفروضة عليه، أضف إلى ذلك ما أعلن عنه مؤخراً من مشاريع تنموية واستثمارية كبرى ستقوم بتنفيذها دولة الإمارات في داخل السودان دعماً لاقتصاده ومساعدة له على النهوض مرة أخرى والعودة إلى الطريق القويم الذي ينفع السودان وأهله.

إن المفرح جداً في الأمر هو أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قالها صراحة بأن دولة الإمارات تقدر وتثمن ما بادر به الرئيس عمر حسن البشير طواعية ودون طلب لكي يدعم التحالف العربي في اليمن الذي تقوده المملكة العربية السعودية مباشرة وعلى الفور بقوات مقاتلة من الجيش السوداني. إن مثل هذا العرفان والامتنان الصريح لا يعلن عنه مباشرة سوى رجل مثل محمد بن زايد الذي خبرناه بمناقبه الفذة، وأفكاره النيِّرة المحبة للعرب بل للبشرية جمعاء، والتي هي محور سلوكه ودليل على صفاء نفسه وذهنه وسريرته، وكل ذلك يعزى إلى أصالته العربية ورفعة نسبه واهتمامه الواضح بالعرب أجمعين ومحبته لهم والاستماع إلى رؤسائهم وزعمائهم والاستجابة إلى ما يطرحونه من مطالب في صالح شعوبهم.

منذ أن تولى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مقاليد الأمور كولي للعهد وهو يثبت لنا وللعالم أجمع بأنه رجل دولة من الطراز الأول، فارضاً شخصيته وأسلوبه الخاص عن طريق تقديره لمسؤولياته تجاه شعب الإمارات وتجاه الشعوب العربية والإسلامية الأخرى دون ما ضجيج أو صخب، لا يبتغي سوى مرضاة الباري عز وجل وإرضاء ضميره كراع مسؤول عن رعيته، وتحقيق النجاح على صعيد الأمور التي بين يديه. إن امتداد يد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد نحو السودان وأهله هو غيض من فيض من مناقب سموه، حفظه الله، فهو مشهود له بما ورثه عن والده المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد - طيب الله ثراه - وأسكنه فسيح جناته من حكمة وأناة وكرم ومثابرة وشجاعة وحب للعدل والإنصاف واستعداد للإيثار وتقديم للآخر على الذات. إن مثل هذه الصفات الحميدة متجسدة ومتأصلة وثابتة لدى شيخنا الكريم الذي نعتبره رمزاً لنا، ويحظى بتقديرنا واحترامنا الشديد ومحبتنا واعتزازنا واستعدادنا لفدائه بالنفس وبالولد وبكل ما هو غال وثمين لدينا. خاتمة القول هي أني أستميح عذراً من إخواننا أهل السودان لكي أتقدم نيابة عنهم بالشكر الجزيل إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد على مواقفه الكريمة من السودان وقيادته وشعبه، فهم أخوة لنا يستحقون منا أن نكون دائماً إلى جانبهم وداعمين لهم، فجزاك الله خيراً عنهم يا صاحب السمو.

*كاتب إماراتي