حسين شبكشي

بينما العالم مشغول في التنظيمات الإرهابية التكفيرية من أشكال «داعش» و«حزب الله» وعملياتهما الإجرامية في أماكن كثيرة، ومشغول في سياسات الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب بعلاقات معاونيه مع روسيا، أو مشغول في متابعة سعري النفط والدولار، كانت أحداث أخرى لافتة ومهمة تحدث بهدوء وروية.. أحداث سيكون لها انعكاسات في غاية الأهمية على المستقبل القريب للعالم وتؤثر حتماً على سياساته وتشريعاته القادمة.

في مجال الطب يبدو أن الجدل بخصوص توظيف واستخدام الخلايا الجذعية قد تم حسمه وأصبح بالتدريج أمراً واقعاً ومقبولاً، والأمر معني بدول العالم الأول الصناعي، فها هي جامعات كندا تبدأ في الإعلانات عن نتائج واعدة ومهمة ولافتة في علاج مرض التصلب اللوحي القاسي جداً والذي يعاني منه كثيرون حول العالم باستخدام تقنية الاستعانة بالخلايا الجذعية وتنفيذ عمليات نتيجتها مسح ذاكرة خلايا المرض وبالتالي يصبح غير قادر على مهاجمة الخلايا السليمة، وهي مسألة أقل ما يقال ويمكن أن توصف به أنها مذهلة وتفتح المجال لإحداث ثورة علمية وتقنية في علاج الأمراض المعقدة والدقيقة.

والحراك الحاصل لم يكن مقتصراً على الساحة الطبية فقط، ولكن الدول الاسكندنافية وتحديداً النرويج تخطو وبقوة نحو تأسيس السيارات الكهربائية كالخيار الأول والأساسي، وذلك بعد أن أحدثت مجموعة من القرارات التشجيعية لتحفيز ملاك السيارات الكهربائية لتكون السيارات النظيفة المعتمدة والتي تفيد البيئة بشكل عام، بينما صعّدت جارتها هلسنكي العاصمة الفنلندية السقف وقالت إن لديها خطة طموحة في خلال خمس سنوات لأن تكون العاصمة النموذجية الأولى التي بلا سيارات وتعتمد فقط على شبكة النقل العام، وذلك لتحسين وضع البيئة وتخفيف العبء على البنية التحتية وسلامتها.

وفي أسواق المال العالمية، والأميركية منها تحديداً، تواصل الشركات «الجديدة» فرض نفسها؛ فها هي شركة «سناب» مالكة العلامة التجارية المشهورة «سنابشات» والمعروفة في استخدامات التواصل الاجتماعي بشكل ناجح، تطرح في اكتتاب عام بعد أن تم تقديرها بشكل أذهل الكثيرين، وهي شركة لم تحقق أي ربحية حتى الآن ولكنْ لديها «طموح هائل وإمكانيات كبرى» مثلها مثل من سبقها كـ«تويتر» و«فيسبوك» وغيرهما، مؤكدين أن أسلوب تقييم الشركات وتحليلها قد تغير إلى الأبد في ظل الشركات التي تعمل في العالم الافتراضي المؤثر، وهي تفتح الشهية للمزيد.

بوادر أخبار مهمة في مجالات صناعة الدواء مع حراك متوقع من الصين والهند وكوريا واليابان، وهي دول لديها شركات وصناعة دواء غير بسيطة إلا أنها تحارب من تكتل «غير منصف» مكون من عمالقة صناعة الدواء المتمركزين في أميركا وبريطانيا وسويسرا وفرنسا وألمانيا تحديداً، والذين يمنعون أي دواء جديد من أن يُسعر بشكل «منافس»، وبالتالي يحرم هذه الدول من الحصول على الأرباح المنتظرة ويحاصرونها بالقوانين الخاصة بالملكية الفكرية الصارمة والتي لا تجعل للغير أي فرصة للإنتاج أو التربح إلا بالشروط القاسية التي يضعها أصحاب التكتل، وقد تبدو هذه إحدى أهم الجولات القادمة في الحروب التجارية التي يجري الحديث عنها دوماً.

السياسة قد تسرق عناوين الأخبار ولها الأسبقية دوماً، ولكنّ هناك حراكاً آخر متنوعاً لا بد من الاهتمام به لأن تبعاته تلقي بظلالها على العالم بأسره.

هناك حراك مهم يحصل في جيوب مختلفة حول العالم... حراك مفيد ولافت وحيوي، ومع الأسف هناك غياب عربي عام عنه سواء في المشاركة فيه أو تغطيته إعلامياً.. . .