نايلة تويني

نص البند الثالث من اتفاق الدوحة لعام 2008 على"اعتماد القضاء طبقاً لقانون 1960 كدائرة انتخابية في لبنان بحيث يبقى قضاء مرجعيون – حاصبيا دائرة انتخابية واحدة، وكذلك بعلبك – الهرمل، والبقاع الغربي – راشيا. وفي ما يتعلق ببيروت يتم تقسيمها على الوجه التالي(...) الموافقة على إحالة البنود الإصلاحية الواردة في اقتراح القانون المحال إلى المجلس النيابي والذي أعدته اللجنة الوطنية لإعداد قانون الانتخابات برئاسة الوزير فؤاد بطرس لمناقشته ودراسته وفقاً للأصول المتبعة".


هكذا تمر عشر سنين على الاتفاق، والكلام المعسول يتردد عن ضرورة الاتفاق على قانون جديد للانتخاب، وضرورة ان يكون عادلا وممثلاً لكل المكونات اللبنانية. ولا شيء يتقدم أو يتحقق. ولا تقع المسؤولية على فريق دون الاخر. الكل شركاء في التعطيل. والنواب السابقون، نواب الطائف تحديداً، شركاء في الجريمة ما داموا لم يتفقوا على شرح موحد لما تم الاتفاق عليه انذاك بالنسبة الى الدوائر والى شكل القانون المرتقب. يساهم تباعد تفسيراتهم وتناقضها في عدم الاتفاق، بل في تعدد المشاريع والاقتراحات وفق اجتهادات قانونية غير واضحة المعالم.

وهكذا يبقى الباب مشرعاً على مشاريع أكثرية ونسبية ومختلطة، وتستبعد مشاريع اخرى ربما اعتبرت أكثر نفعاً، لكنها لا تخدم مصلحة الممسكين بالسلطة.
يروي صحافي زميل انه سأل نائباً في "حزب الله" عن حسنات النسبية بالنسبة الى التمثيل في الجنوب فأجابه: "سنخسر مقعدين واحداً لليساريين والاخر للعائلات التقليدية".

اذاً النتيجة معروفة ومحسومة سلفاً حتى مع اعتماد النسبية الكاملة في المحافظة، وما سيخسره الثنائي الشيعي جنوباً، أو بقاعاً، سيعوضه في مناطق أخرى. اعداد المقاعد محسوبة بدقة، لمصلحة هذا أو ذاك من الافرقاء. ما يعني حكماً ان مشروع القانون الذي يحقق توسعاً تمثيلياً لهذا الفريق لن يناسب الاخر.


ان كل قانون لا ينطوي على بعض الغموض، أي ان نتائجه غير محسومة، يشبه استفتاء الانظمة الديكتاتورية الذي يهدف الى التأكد من استقرار مستوى الشعبية أو ارتفاعه. وهذه المشاريع لا تفيد بلداً ولا تساهم في تطوير نظام ولا تخدم العيش المشترك وحسن التمثيل، بل تؤسس لحرب جديدة تكون نتيجة الاستئثار بالسلطة وفرض الارادة على الاخرين. ما هكذا يكون الاعداد لقانون انتخاب جديد يضمن حسن التمثيل، بل هو استغلال لضيق الوقت لامرار مشروع مشبوه جديد.