خالد أحمد الطراح

الأخ المرحوم بإذن الله الشيخ سعود ناصر الصباح، السفير والوزير السابق، كان له رأي أحدث ضجة من ردود الأفعال حين قال «الكويت مختطفة»، وكان المقصود منها جماعات سياسية إسلامية أيام الغزو وبعدها، ولست بصدد مناقشة الموضوع من جديد، فقد قدم المرحوم ما لديه من براهين ونفاها المعنيون، ولكن سيظل الملف جاذباً للجدل.


الكويت مختطفة من جديد، ولكن بصورة مختلفة تماماً عن الفترة التي تحدث عنها المرحوم الشيخ سعود، فالبلد مختطف ديموقراطياً من قبل فئات لها دور في المشهد السياسي وانحراف في مسار الحوار تحت قبة عبدالله السالم.
الأسباب معروفة ولا تحتاج إلى اجتهاد، فهناك مجاميع لها مصالح وتدافع عن مصالح متنفذين خارج مجلس الأمة، وهناك مجاميع أخرى تبحث عن الشهرة في التلاسن واختلاق الأزمات والتحرك بصورة غير مألوفة سياسيا واجتماعيا، لكن، ولله الحمد، هناك مجاميع من الشرفاء من محبي الوطن ومخلصين له قولاً وفعلاً.
إذا صح ما تردد من معلومات في مجلس الأمة وفي وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن ملف الإيداعات المليونية، فنحن أمام مشهد جديد من مسلسل الاختطاف المنظم لشراء الذمم ونشر الفساد السياسي والمالي، من أجل تدمير الكويت وطنا وشعبا مقابل مصالح قلة قليلة لها أجندات كبيرة على حساب الدولة!
إلى ذلك، هناك مطبلون بالقلم يختزلون التاريخ ودبلوماسية وسياسة الدولة حكومة وبرلمانا، متجاهلين إنجازات سياسية للعم أحمد السعدون أطال الله في عمره رئيس مجلس الأمة الأسبق، وهو صاحب تاريخ سياسي لم يتقاض نصف ما تقاضاه مستهدفو التاريخ الدبلوماسي والبرلماني!
برلمانيا، لا بد من ذكر إنجازات وعمل الأخ الفاضل جاسم الخرافي رحمه الله الرئيس الأسبق لمجلس الأمة وعلاقاته الخارجية المميزة، منها وليس جميعها تصديه شخصياً لأمين عام الجامعة العربية عمر موسى حين انحرف مسار عمل الجامعة، وكانت له تصريحات مدوية خارج وداخل الكويت، إضافة إلى تبنيه مجموعة الكويت البرلمانية البريطانية، واهتمامه الشخصي بنشاط المجموعة والتواصل مع أعضائها، والحرص أيضا على استضافتهم في مجلس الأمة وديوانه في الشامية، وأيضا في البدع، وكنت وقتها مرافقا لوفد المجموعة.
دبلوماسيا، فقد كان استحقاقا تاريخيا أن يستحوذ لقبا رفيعا كشيخ الدبلوماسية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه، فإنجازاته يشهد لها التاريخ عالمياً وإقليمياً ومحلياً إلى اليوم.
هناك أيضا دور رجل دولة بكل المعايير للأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله خصوصاً أثناء الغزو، ودوره بتوجيهات سامية من أخيه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراهما في تعزيز التلاحم مع كل فئات وشرائح المجتمع الكويتي، لا سيما في مؤتمر جدة ومع الصامدين في داخل الكويت، إلى جانب تصدي الأمير الوالد لافتراءات نظام الطاغية صدام أثناء القمة العربية في القاهرة.
هناك متسلقون مفتونون بتحقيق الثراء من خلال المديح والتملق لمن يملك المال والجاه السياسي، متناسين أن التاريخ لا يجتزأ، وذاكرة الشعب لا تنسى من يجول العالم بذريعة الندوات والمؤتمرات على نفقة الدولة، وهم من كونوا ثروات بطلب من دون حياء، بينما يعيشون كأنهم فقراء، وهم صحيح فقراء البصيرة، ويسطرون هذيانا وليس وصايا أو قولا حكيما!
«اقتناء الحكمة خير من اقتناء الذهب، وتحصيلها أسهل من تحصيله».