عبد الستار حتيتة

فور اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات، كان هناك اتفاق داخل «الجماعة الإسلامية» بالنزول للشوارع للإعلان عن ثورة إسلامية. وكانت أسماء دعاة «الجماعة الإسلامية» من فوق المنابر، ملء السمع والبصر، وتقلق نظام السادات. أحمد المحلاوي وأسامة حافظ وصفوت عبد الغني وعصام دربالة وعاصم عبد الماجد وغيرهم كثيرون من الصعيد والدلتا ومدن القناة.

وفشلت الخطة، كما يتذكر نبيل عبد الرحمن، الذي توجه للقاهرة للمشاركة فيها، في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1981. كان عمره وقتها لا يزيد على 20 سنة، أي أنه حينها كان في نصف سن الزعيم الروحي لـ«الجماعة الإسلامية»، عمر عبد الرحمن، الذي توفي قبل أسبوعين في سجن في الولايات المتحدة الأميركية. وبعد عشرات السنين من الشد والجذب مع السلطات من جانب، و«الإخوة» في التيارات الدينية الأخرى، من الجانب الثاني، تفرقت السبل، اليوم، بالعشرات من رموز الجماعة، إما بالإعدام أو بالوفاة، أو بالجنوح للصمت، أو بالفرار إلى خارج البلاد.

لقب «الجماعة الإسلامية» كان يُطلق في مصر على معظم الجماعات ذات الصبغة الدينية منذ منتصف سبعينات القرن الماضي. وجرى اتهام الجماعة، باسمها القديم، بأنها وراء محاولة لقلب نظام الحكم، وإطلاق الرصاص على رئيس الدولة. ويقول نبيل عبد الرحمن، الذي كان من أصغر خطباء «الجماعة الإسلامية» في مساجد غير رسمية في عدة مدن، في ذلك الوقت: «قبل مقتله بعدة أشهر، كانت تعليمات الجماعة أنه في حال اختفى أنور السادات نبدأ (الثورة)».

ووصل إلى العاصمة بعد ساعات من مقتل الرئيس السادات، آتياً من مدينة مرسى مطروح في غرب مصر. وبعد ذلك بثلاثة أيام جرى القبض عليه، مع ألوف من الإسلاميين. ووجد نفسه مع عمر عبد الرحمن، ومع أيمن الظواهري، الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة، ومع عبود الزمر، أحد زعماء الجماعة وهو يعاني من متاعب صحية في الوقت الراهن، وغيرهم.

ويضيف: «أثناء الاحتجاز في السجون، انتظاراً للمحاكمة بتهمة اغتيال السادات وتهم أخرى كثيرة، نشبت الخلافات بشأن المتسبب في إفشال (الثورة الإسلامية)، بين زعماء الجماعة الإسلامية بمعناها الواسع حينذاك، أي بين قيادات الجماعة الإسلامية (التي احتفظت باسمها المعروفة به حتى الآن)» وجماعة «الإخوان المسلمين»، وجماعة «الجهاد».

ومنذ تلك الأحداث المفجعة في التاريخ المصري، في مطلع ثمانينات القرن الماضي، أصيب التيار الإسلامي بشرخ ما زالت آثاره باقية حتى اليوم، وتسببت في دخول «الجماعة الإسلامية» وقادتها، مثل عبد الغني، والزمر، وعبد الماجد، وآخرين، في منعطف يكاد يعصف بما تبقى منها.

يقول نبيل عبد الرحمن: «منذ عام 1976 تقريباً، كان الجميع يعمل تحت اسم الجماعة الإسلامية، حتى عام 1983. قبلها كانت جماعة الإخوان محظورة من السلطات، وكانت تنشط تحت مظلة الجماعة الإسلامية. ومع ذلك كان لدى قادة الإخوان ضوء أخضر من السادات بالعمل، دون علم كثير من أتباع الإخوان، وذلك في محاولة من الرئيس الراحل للقضاء على الشيوعيين بمصر».

وبعد خلافات الإسلاميين في السجون حول فشل «الثورة» في 1981، أصبحت كل جماعة تعمل بشكل مستقل عن الجماعة الأخرى. ويوضح عبد الرحمن: «لم تعد الجماعات تعمل تحت سقف واحد... لقد سقط السقف وقتذاك». وأصرت «الجماعة الإسلامية» حينها على الاستمرار في حمل اسمها. وبعد تولي الرئيس الأسبق، حسني مبارك، الحكم، صعد نجم الإخوان، وشاركوا في الانتخابات البرلمانية، ومن هنا زادت الخلافات أكثر من السابق.



* في عهد مبارك



الإطاحة بمبارك في 2011، أعادت طلاء العلاقات القديمة بين الإسلاميين. وعضدت «الجماعة الإسلامية» حكم جماعة «الإخوان». وأسس كل منهما حزباً؛ حزب «البناء والتنمية» للأولى، وحزب «الحرية والعدالة» للثانية. لكن الشروخ ظهرت مجدداً، بعد عزل مرسي، منذ نحو 3 أعوام، ليس بين قيادات الإسلاميين فحسب، ولكن داخل «الجماعة الإسلامية» نفسها. وجاء نبأ وفاة عبد الرحمن في أميركا، ليلقي بمزيد من الظلال على مستقبل «الجماعة» ومصير من تبقى من زعمائها.

وتسببت وفاة عصام دربالة، رئيس مجلس شورى الجماعة، داخل سجن في القاهرة، العام قبل الماضي، في فراغ كبير داخل «الجماعة الإسلامية». ويقول محمد توفيق، القيادي الذي انشق عن حزب «البناء والتنمية»: «ظل كثير من قيادات الجماعة الإسلامية ينظر إلى دربالة كشخصية يمكن من خلالها تعويض غياب عمر عبد الرحمن في السجون الأميركية... وفاة دربالة أثَّرت بشكل كبير على الجماعة. كما أن وفاة عمر عبد الرحمن، أخيراً، تسببت في صدمة نفسية ومعنوية، رغم أنه لم تكن له علاقة بقرارات الجماعة».

بعد مقتل السادات بساعات يوم السادس من أكتوبر، لم يخرج أي من باقي التيارات، كالإخوان، للشارع. يقول نبيل عبد الرحمن: «كانت خيانة». وحاصر وزير الداخلية وقتذاك، النبوي إسماعيل، مبنى الإذاعة والتلفزيون بنحو 21 دبابة. وعشرات من السيارات المدرعة. «لم تكن هناك خطة للسيطرة المسلحة، كانت خطة بثورة إسلامية سلمية. الأمور تغيرت، واليوم... توفي كثير ممن كانوا معي في الجماعة الإسلامية، لأسباب مختلفة، أما صلتي بهم فقد انقطعت منذ زمن طويل».

انتهجت «الجماعة الإسلامية» في تلك الفترة العنف، وتمكنت من إقناع عمر عبد الرحمن، ابن محافظة الدقهلية في شمال القاهرة، بأن يكون زعيماً لها. ويقول الدكتور ناجح إبراهيم، القيادي السابق في الجماعة، والكاتب الإسلامي، وهو من مدينة الإسكندرية، إن قبول عمر عبد الرحمن بقيادة «الجماعة الإسلامية»، أضر به، وبدعوته، وهو ما تسبب في دخوله السجون مرة تلو الأخرى، لأن الجماعة (التي قبل بقيادتها) لجأت للعنف والتطرف.

ويضيف: «من المفارقات أن الجماعة الإسلامية عرضت على المحلاوي في الإسكندرية، في السبعينات، أن يقودها فرفض... كان بعيد النظر، وعلم أن وجوده على رأس الجماعة سيورطه، لأنه سيتحمل عبء تصرفاتها». كما عرضت الجماعة الأمر نفسه على الشيخ حافظ سلامة، ابن مدينة السويس، فرفض أيضاً.



* محمد عبد السلام



السبب الرئيسي في تحول الجماعة الإسلامية من جماعة دعوية إلى جماعة تنتهج العنف، يعود، وفقاً للدكتور إبراهيم، لرجل يؤمن بالعمل المسلح، يدعى محمد عبد السلام. والتقى عبد السلام، الأقرب إلى فكر الظواهري، في أواخر سبعينات القرن الماضي، مع القيادي في الجماعة الإسلامية، كرم زهدي، و«توحدوا» لمدة 3 سنوات تقريباً، إلا أن الخلافات داخل السجون بعد عام 1981، عصفت بهذا التحالف. وجرى إعدام عبد السلام على يد السلطات في قضايا تتعلق بالعنف.

وفي السنوات التالية انشغل جانب من جماعة «الجهاد» والجماعة الإسلامية والإخوان، بالحرب في أفغانستان ضد الاتحاد السوفياتي. وسافر إلى هناك الظواهري وعمر عبد الرحمن وعدة ألوف. ويقول نبيل عبد الرحمن الذي كان قد انخرط في قتال السوفيات هناك: «كنا نحارب صفاً واحداً. أعتقد أن الخلافات أطلت برأسها، من جديد، بين الإخوة بعد خروج السوفيات من أفغانستان».

وفي مصر، ظل نظام مبارك، حينذاك، يكافح من أجل كبح جماح عمليات العنف التي تقوم بها الجماعة الإسلامية إلى أن وقعت مذبحة مدينة الأقصر، الشهيرة، عام 1997، والتي اتُهمت فيها الجماعة باستهداف سياح في موقع أثري بالمدينة، وقتل 58 منهم. وترتب على ذلك إقالة وزير الداخلية، حسن الألفي، والقبض على ألوف ممن ينتمون للجماعة الإسلامية في مختلف أنحاء البلاد. ودخلت الجماعة فيما تطلق عليه «محنة». وبدأ التفكير في إجراء مراجعات، من داخل السجون، من أجل حل الجناح العسكري للجماعة والتخلي عن العنف، والتخلص من آثار فكر عبد السلام.

وكان للدكتور إبراهيم مجهود كبير في مسألة المراجعات التي استمرت حتى أواخر التسعينات، وما زال يدافع عنها حتى اليوم. يقول: «يرجع الفضل إلى كرم زهدي في حل الجناح العسكري للجماعة، وتخليص الإداريات وترتيبات نقل (المنتمين للجماعة داخل) السجون وقتها، أما أنا فقد أنجزت في الجانب الفكري نحو 13 كتاباً».

ويضيف: «أسوأ ما حدث من الجماعة الإسلامية، هو (اختيار نهج) العنف، وأفضل ما قامت به هو مشروع المبادرة والمراجعة... وكانت أول حركة إسلامية تقوم بمراجعة نفسها بنفسها، طواعية، ومن تلقاء نفسها. كانت هذه التجربة رائدة بالنسبة للجماعات الأخرى».

ومن جانبه، يذكر الدكتور ولاء خطاب، المتخصص في التيارات الإسلامية، أن الجماعة الإسلامية المصرية حاولت إيجاد موضع قدم لها في ليبيا، أي خارج مصر، لأول مرة، كما تأثرت بعد ذلك بفكر المراجعات، حيث كان لها سجناء ليبيون في سجن أبو سليم الشهير.

* ثورة يناير 2011

وفي مصر، استمر الحال، ما بعد عقد التسعينات، بين موافق ومعارض لمبادرة وقف العنف، لكن البلاد لم تشهد «حوادث إرهابية» كبيرة مثل تلك التي وقعت في الأقصر، إلى أن قامت «الثورة» على نظام مبارك. ويقول الدكتور إبراهيم: «بعد ثورة يناير 2011، وقعت الجماعة الإسلامية في عدة أخطاء؛ منها أنها لم تستمر في تفعيل نهج المبادرة (المراجعات)، وكان يفترض أن تهتم بالدعوة، وتترك الدخول في تحالف، أياً كان نوعه، للوصول إلى السلطة، أو الدخول فيها».

ويضيف أن الخطأ الثاني أنها تحالفت مع الإخوان... و«الإخوان اعتبروها كأنها فتوة، وهذا كان خطأ من الطرفين. الخطأ الثالث هو مشاركتها في اعتصام رابعة العدوية (المؤيد لمرسي، في 2013) وهذه المشاركة كلفتها الكثير معنوياً ومادياً... هناك من قُتل منها في رابعة... ومن تحدثوا في اعتصام رابعة من قيادات الجماعة الإسلامية خصموا من رصيد الجماعة»، ثم «شاركت في تحالف دعم الشرعية (المؤيد لمرسي)، وهذا يعني أنك لا تؤمن بالنظام الجديد، وبالتالي هو لن يؤمن بك ولن يعطيك مساحة للدعوة».

ومنذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد بعد انتخابات رئاسية في صيف 2014، والعلاقة بين الجماعة الإسلامية والسلطات «مرتبكة وغير واضحة المعالم». ويقول إبراهيم: «لا الدولة منفتحة على الجماعة، ولا الجماعة في حالة حرب مع الدولة». ويضيف أن الاستمرار في وجود الجماعة داخل تحالف مؤيد لمرسي، كان سيترتب عليه التضييق عليها وأنه «ستكون هناك أزمات ومشكلات، وهذا ما حدث، حيث جرى القبض على الشيخ عصام دربالة، ومنع عنه العلاج في السجن، وتوفي، داخل محبسه، وقُبض على مصطفى حمزة، وعلى صفوت عبد الغني، وعلى الدكتور نصر عبد السلام أمين عام حزب البناء والتنمية»، وغيرهم.

* أين هم الآن؟

ويتولى أسامة حافظ، في الوقت الراهن، موقع رئيس مجلس شورى الجماعة، وكان يعمل مديراً لإحدى الدوائر الحكومية، في مشاريع الصرف الصحي في محافظة المنيا، فيما فر كثيرون من قيادات الجماعة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إلى عدة بلدان، منها، كما يقول إبراهيم، السودان وقطر وتركيا، ومن بين هؤلاء عاصم عبد الماجد، وطارق الزمر، وخالد إبراهيم (كان مسؤول الجماعة في أسوان)، وممدوح علي يوسف، وإسلام الغمري، ورفاعي طه، الذي قتل مع 5 آخرين كانوا في سيارة في سوريا العام الماضي بطائرة دون طيار، ودفن هناك. ويضيف: «حدث تمزق للجماعة الإسلامية لأنها لم تحافظ على فكرة المبادرة».

ويشار إلى أنه بعد سقوط نظام مبارك، استقال عدد من قيادات الجماعة الإسلامية، لأسباب صحية، وأخرى تتعلق بما يسمونه «انتهاء الدور داخل الجماعة» التي خرج أبناؤها من السجون بعد ثورة يناير. ومن بين من استقالوا ناجح إبراهيم نفسه، وكرم زهدي، وحمدي عبد الرحمن، وفؤاد الدواليبي (من قيادات المنيا)، وعلي الشريف (مقيم في مرسى مطروح)، ومجموعة أخرى.

كما خفتت الأضواء بعد ذلك عن مجموعة من الدعاة الذين تجاوزت أعمار معظمهم الستين سنة، وكانوا مرتبطين تاريخياً بالجماعة الإسلامية، من بينهم المحلاوي في الإسكندرية، وحافظ سلامة (شارك في جنازة عمر عبد الرحمن)، وعلي الديناري، في السويس، وصلاح هاشم، في سوهاج، وعبد الآخر حماد، وعلاء عبد الكريم، في أسيوط، وغيرهم.

رغم كل شيء، ما زال قادة في الجماعة والحزب الذي يمثل ذراعها السياسية، يعملون في الوقت الراهن، في داخل البلاد، لكن بزخم أقل بكثير من السابق. ويشرف صلاح هاشم البالغ من العمر 63 سنة على قطاع سوهاج، وعبد الآخر حماد، وهو داعية مشهور في سن مقاربة، موجود في أسيوط. وما زال حزب «البناء والتنمية» التابع للجماعة يعمل في مصر، ويرأسه طارق الزمر، عقب انتخابات جرت في 2013. ويشغل موقع الأمين العام الدكتور عبد السلام، بعد أن أمضى أخيراً عاماً ونصف العام في السجن.

ويقيم المستشار السياسي للحزب، أسامة رشدي، حالياً، خارج مصر، وجرى وضع اسمه ضمن قائمة مطلوبة للسلطات، فيها اسم لاعب الكرة المصري الشهير محمد أبو تريكة، وغيره. ويقول رشدي: «الحزب ما زال يحاول السعي لممارسة دوره السياسي، بالقدر الذي تتيحه الظروف. طبعاً مصر تمر الآن بحالة من حالات ضيق الأفق السياسي، وبالتالي الحزب لا يمل من طرح المبادرات السياسية، وعلى اتصال بالقوى السياسية الفاعلة، ومحاولة إيجاد أرضية للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد حالياً، في ظل الالتزام بالعمل السلمي».

لكن الحزب لم يشارك في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وهو ما زال ينظر إلى عزل مرسي باعتباره «انقلاباً على الشرعية». ويقول رشدي: «نحن أصابنا ما أصاب كثيراً من النشطاء السياسيين الذين عارضوا ما حدث بعد عزل مرسي... وأخيراً جرى وضع اسمي ضمن القائمة التي فيها أبو تريكة، بشكل تعسفي، وهذا أمر لم يحدث حتى في عهد مبارك... وضع الناس بالجملة في قوائم لمصادرة أموالها أو حقوقها وحرياتها، أو تجميد نشاطها، كلها ممارسات في النهاية غير قانونية وغير دستورية، وغير سياسية، ولا يمكن أن تفضي إلى مستقبل أفضل لهذا البلد».

ويقول الحزب الذي يظهر له بين حين وآخر أنشطة في عدة ضواحي بالقاهرة، إنه يستوعب الجميع. ويقول رشدي: «الحزب قائم وفقاً للقوانين التي لا تفرق بين المواطنين»، و«الحزب لا يغلق بابه أمام من يؤمن ببرنامجه. وعودة النشاط السياسي والمشاركات السياسية مرهون بأن تكون هناك انتخابات وأن تكون هناك حياة سياسية حقيقية. وليس كما يجري الآن، وهو أمر غير راضين عنه».

وبالنسبة لفرع الجماعة في ليبيا، فقد كان يحمل اسم «التجمع الإسلامي». ويقول الدكتور خطاب، وهو ليبي، إن فكر الدكتور عمر عبد الرحمن كان مؤثراً على هذا التجمع، الذي شارك فيما بعد، في مفاوضات المصالحة الوطنية مع سيف الإسلام القذافي، في 2005، وأسس حزباً بعد سقوط نظام القذافي، إلا أن قيادات هذا التجمع «تبعثرت خلال السنوات الأخيرة».

ومن جانبه، كان محمد توفيق من قيادات حزب البناء التنمية في الجيزة، غرب القاهرة، قبل أن ينشق عنه. ويقول إن الجماعة الإسلامية بمصر أصبحت مقسمة اليوم إلى 3 أقسام؛ «قسم داخل السجون، وقسم هارب بالخارج، وقسم داخل البلاد». وفيما يتعلق بمن في السجن، يوضح قائلاً إنهم «ابتعدوا قليلاً عن جماعة الإخوان الذين معهم في السجون (ومنهم قيادات إخوانية كثيرة)، ومن هم خارج السجون معظمهم لا يشارك في أي أعمال، وأغلبهم يتحركون تحركات غير مؤثرة».

وعن السبب في ابتعاد قادة من الجماعة الإسلامية عن الإخوان، رغم أن الإخوان تعاونوا مع الجماعة بعد ثورة 2011، يقول توفيق إن «قيادات في الجماعة الإسلامية اكتشفت أن الإخوان كانوا يريدون استخدام عناصرها في أعمال عنف، ليتاجروا بهم أمام الغرب، لكن كثيراً من قيادات الجماعة الإسلامية كانت لديهم حكمة فيما يتعلق بالعمليات على الأرض»، مشيراً إلى أن «خطاب الجماعة الإسلامية بعد عزل مرسي كان خطاباً نارياً، لكن لم تكن هناك عمليات تنفذها الجماعة الإسلامية على الأرض».

ومن جانبه، يوضح الدكتور إبراهيم قائلاً إن حال الجماعة الإسلامية، في الوقت الحالي، يتلخص في أنها «ليست في حالة صدام مع الدولة، وليست في حالة وفاق وتناغم معها. والدولة أيضاً ليست في حالة صدام مباشر، حيث يوجد الأعضاء في مقرات الحزب لكن دون نشاط». ويضيف: «هم ممنوعون من أن يكون دعاتهم في المنابر، أو يكون لهم نشاط في مؤسسات اجتماعية وغيرها، لأنهم حتى الآن يعتبرون ذراعاً للتحالف (الداعم لمرسي)، الذي لم يعلنوا الانسحاب منه، وما زال هذا الأمر يخيم على العلاقة بينهم وبين الدولة. الطرفان في حالة اللاحرب واللاسلم».