فاتح عبد السلام

قال‭ ‬رجل‭ ‬موصلي‭ : ‬كلّما‭ ‬نظرت‭ ‬الى‭ ‬الموصل‭ ‬،وقد‭ ‬غدت‭ ‬حطاماً‭ ‬،وهي‭ ‬تتحرر‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬الارهابي‭ ‬،‭ ‬تذكرت‭ ‬مدناً‭ ‬قبلها‭ ‬استحالت‭ ‬ركاماً‭ ‬ولمّا‭ ‬تزل‭ ‬تجثو‭ ‬فوق‭ ‬ركامها‭ ‬أو‭ ‬تحبو‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وضع‭ ‬عراقي‭ ‬متعب‭ ‬أصلاً‭ ‬وقرار‭ ‬سياسي‭ ‬ضائع‭ ‬بين‭ ‬سلطات‭ ‬مختلفة‭ .‬‭ ‬

وأضاف‭ ‬الرجل‭ ‬؛‭ ‬إنّ‭ ‬الموصل‭ ‬هي‭ ‬الأكبر‭ ‬بين‭ ‬المدن‭ ‬المحطمة‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬مدينة‭ ‬بعد‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬،‭ ‬ولايمكن‭ ‬اقناع‭ ‬النفس‭ ‬بالوهم‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬وضعها‭ ‬المزري‭ ‬كما‭ ‬عولجت‭ ‬ملفات‭ ‬الرمادي‭ ‬أو‭ ‬الفلوجة‭ ‬أو‭ ‬تكريت‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬ديالى‭ ‬،‭ ‬وتساءل‭ ‬بمرارة‭ : ‬هل‭ ‬عولجت‭ ‬أصلاً؟‭.‬السرّاق‭ ‬يترصدون‭ ‬بالموصل‭ ‬حتي‭ ‬وهي‭ ‬تنزف‭ ‬بلا‭ ‬مأوى‭ ‬ولا‭ ‬زاد‭ ‬،‭ ‬فهنالك‭ ‬مَن‭ ‬يتحين‭ ‬الفرصة‭ ‬ليتكسب‭ ‬أو‭ ‬لينهب‭ ‬باسمها‭ ‬واسم‭ ‬آلامها‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬الساحل‭ ‬الأيسر‭ ‬المحرر‭ ‬منذ‭ ‬شهور‭ ‬هنا‭ ‬واسابيع‭ ‬هناك‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إعمار‭ ‬الموصل‭ ‬بهذه‭ ‬الادوات‭ ‬الادارية‭ ‬او‭ ‬السياسية‭ ‬هو‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬قتلها‭ . ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الوجوه‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬حاضنة‭ ‬نكبة‭ ‬الموصل‭ ‬يوم‭ ‬غزاها‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ( ‬التمثيلية‭ ‬المعروفة‭)‬،‭ ‬تحاول‭ ‬التسلق‭ ‬لنيل‭ ‬مواقع‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصير‭ ‬المدينة‭ ‬التي‭ ‬تكالبت‭ ‬عليها‭ ‬كل‭ ‬الاطراف‭ ‬لوضعها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المأزق‭ ‬التاريخي‭ ‬،‭ ‬مستفيدين‭ ‬من‭ ‬شعار‭ ‬مكافحة‭ ‬الارهاب‭ ‬المطّاط‭.‬ ناشطون‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الملتقيات‭ ‬والندوات‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬البديل‭ ‬هو‭ ‬تدويل‭ ‬ملف‭ ‬الموصل‭ ‬بعد‭ ‬تحريرها‭ ‬أو‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬تحريرها‭ ‬،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬الملف‭ ‬عسكرياً‭ ‬مدوّل‭ ‬ولولا‭ ‬التحالف‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬واشنطن‭ ‬لكان‭ ‬من‭ ‬الشاق‭ ‬جداً‭ ‬تخطي‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬المفخخات‭ ‬والعناصر‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬لتهجم‭ ‬الموصل‭ ‬واهلها‭ . ‬التدويل‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬المفكر‭ ‬ربيع‭ ‬الحافظ‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬،‭ ‬يقترن‭ ‬بتوفير‭ ‬الفرصة‭ ‬لأبناء‭ ‬نينوى‭ ‬أينما‭ ‬كانوا‭ ‬لتولي‭ ‬قيادة‭ ‬المفاصل‭ ‬الحيوية‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬للنهوض‭ ‬بها‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬تجارب‭ ‬الاندحار‭ ‬والنكوص‭ ‬والفساد‭ ‬والتخلف‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬الموصل‭ ‬،‭ ‬وإن‭ ‬ذلك‭ ‬لايتوفر‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حماية‭ ‬وضمانة‭ ‬دولية‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬توفيرها‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬بصدد‭ ‬اطار‭ ‬عمل‭ ‬لنهضة‭ ‬الموصل‭ ‬بعد‭ ‬كبوتها‭ ‬ويليق‭ ‬بتاريخها‭ ‬وعمقها‭ ‬الحضاري‭ .‬هنا‭ ‬نجد‭ ‬مؤيدين‭ ‬كثيرين‭ ‬لهذه‭ ‬الفكرة‭ ‬مادامت‭ ‬تينتد‭ ‬الى‭ ‬استنهاض‭ ‬طاقات‭ ‬الموصل‭ ‬من‭ ‬اعماقها‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬التبعية‭ ‬والمخططات‭ ‬الطائفية‭ ‬التي‭ ‬تغزو‭ ‬الحكم‭ ‬العراقي‭ ‬كله‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬آخرين‭ ‬يتساءلون‭ ‬عن‭ ‬نوع‭ ‬الحماية‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يطلبها‭ ‬اهالي‭ ‬المحافظة‭ ‬،‭ ‬وفيما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الاختيار‭ ‬مسموحاً‭ ‬لهذه‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬تلك،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬استحقاقات‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬وملحقاتها‭ ‬من‭ ‬حشر‭ ‬وسواه،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬لايزال‭ ‬كله‭ ‬مرهوناً‭ ‬بالقوة‭ ‬الامريكية‭ ‬التي‭ ‬يلوح‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬،‭ ‬عسكرياً‭ ‬أو‭ ‬اقتصادياً‭ ‬أو‭ ‬سياسياً‭ . ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اغفال‭ ‬تلك‭ ‬الحقائق،‭ ‬ولايمكن‭ ‬لأي‭ ‬طرف‭ ‬أن‭ ‬يتمسك‭ ‬بمقولات‭ ‬اختبرها‭ ‬الواقع‭ ‬وفشلت‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬تلامس‭ ‬الواقع‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬فرضيات‭ ‬تحتمل‭ ‬الخطأ‭ ‬والإصابة‭ .‬ولنا‭ ‬وقفات‭ ‬عند‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬في‭ ‬سطور‭ ‬مقبلة‭.‬