سعيد الحمد

لا نتكلم باسم الشعب المصري «فأهل مكة أدرى بشعابها» لكننا وبوصفنا انغمسنا في الاحداث المفروضة على اكثر من عاصمة عربية وبشكل مريب ومثير وما زال غامضاً، سنطرح أسئلة مفتوحة حول الهدوء وهو التعبير المخفف من كلمة اللامبالاة التي قابل بها المصريون حكم براءة الرئيس المصري السابق حسني مبارك في القضية الكبيرة «مقتل عددٍ من المتظاهرين» اتهم فيها مبارك واستمرت ست سنوات حتى اصدرت مؤخراً محكمة الاستئناف العليا بمصر حكماً باتاً ونهائياً ببراءته.

وهو الحكم الذي كاد أن يمر مرور الكرام من حيث ردات الفعل لولا «شغل» الاعلام والفضائيات الخاصة التي حاولت بطريقتها في الجذب ان تثير ضجة اعلامية لم تنجح معها في استقطاب المشاهدين الذين انصرفوا وراء ما يشغلهم او ما يعتبرونه أهم بالنسبة لهم.

هكذا فسّر بعض المحللين المصريين عدم مبالاة الشارع المصري بحكم البراءة سواء سلباً كان ذلك ام ايجاباً، فيما يشغلنا سؤال اكبر او فلنقل تفسير في ظاهرة اكبر من الحكم على شخص الرئيس وهي ظاهرة ما يسمى بالربيع العربي التي غمرت المنطقة بأهوالها وكوارثها فكانت النتيجة النهائية التي لم يعترف بها «أهل الربيع» هي تمزق البلدان واضطراب أحوالها وتراجع اقتصادياتها وتهديد معيشتها اليومية ومعيشة اطفالها واسرها ومستقبلها انعكاساً لما جرى من فوضى خلفت آثاراً سلبية خطيرة كل الخطر على المواطن أولاً وأخيراً.

وهو الذي غرر به واغواه الشعار ومكر به الخطاب الحماسي وضللته الوعود فخرج صفر اليدين بل خرج من زوبعة الربيع خاسراً معظم ان لم يكن مجمل المكاسب التي كان يتمتع بها في وطنه الذي زجوا به في «الفوضى الخلاقة» كما وصفوها وكما بشروا بها ذات يوم ليس يُنسى.

يسأل مراقب مصري قريب من الحدث فيقول وننقل سؤاله حرفياً «هل هذا الصمت من الشعب المصري هو اعتذار غير معلن للرئيس مبارك من شعبه؟؟».

سؤال سنتركه معلقاً ولن نندب أنفسنا للاجابة عن سؤال الشعب المصري احق منا واجدر بالاجابة عليه.

يقول أحدهم وهو أستاذ جامعي في عين شمس «الشعوب تنسى بسرعة» فيحتج عليه صحفي وكاتب قائلاً «الشعوب لا تنسى لكنها تفهم» ويشرح مصطلح الفهم الذي اختاره فيقول ما معناه «الشعب المصري بعد كل ما جرى له من بعد تنحي مبارك فهم انه كشعب انزلق الى الفخ الذي نصبوه له فلم يخسر الشعب ولم يخسر مبارك فقط بل ان مصر هي التي خسرت وهي اكبر الخاسرين».

وانقطع الحوار الفضائي بين الرجلين لان مقدم البرنامج انتقل الى مكالمة مع فريد الديب محامي حسني مبارك.

وتذكرت شخصياً ذلك المدعو أحمد ماهر ووائل غنيم اللذين لا ندري من أين جاءا او اين اختفيا فجأة كما جاءا، يقول الذين يعرفون وائل غنيم خرج من مصر مع زوجته الامريكية وربما عاد معها الى بلادها التي يحمل جنسيتها.. والله اعلم بالاسرار والالغاز.

وهكذا اشتغلت الفضائيات المصرية الخاصة او بالأدق بعضها ثم سرعان ما لملمت اوراقها حينما لم تجد أثراً لاثارة ترجوها لزوم الشغل الفضائي المحتدم تنافساً وصراعاً جذباً للاعلان الذي تقوم عليه وترتكز كل الوسائل الاعلامية المختلفة، وكان الله في عونهم ففي زمن ندرة الاعلان وشح الاعلانات تخترع الفضائيات لها مواضيع ومواضيع، وهذا موضوع آخر.

وبحثت عن فضائية ربما تضيف اسئلة او تفتح اقواس الاجابات ولم أجد سوى اعاداتٍ وتكرار ومماحكات لا داعي لها، فالشعب المصري قابل حكم البراءة بصمت ولامبالاة ومضى في طريقه صامتاً او ربما مدندناً بلحن «مصر التي في خاطري وفي فمي» فذلك هو الشعب المصري معجون بتراب وطنه.