سليمان العيدي

ما يهم عشاق القلم والكتاب من معرض الرياض أن يمضي في التجديد حتى لا يكون نسخة مكررة

اعتاد المثُّقفون وأبناء الأمة القارئة التي تحمل في فكرها تراثاً حضارياً، أن يعيشوا لأيام متتالية في معرض الرياض الدولي للكتاب مع فَنَنٍ جديد وأنشطةٍ تُقّدر لوزارة الثقافة والإعلام إحسانها وإبداعها، بإدخال الجديد من عناصر الثقافة الترفيهية أمام الطفل الذي يرافق أسرته أثناء سوق العوائل وجولات المرتادين للسوق، في صورةٍ سبقْت نصاعتها وجموعها مهرجانات الثقافة والكتاب في الوطن العربي.
وتحت سقف المعرض سِرْت كغيري لأمضي ليلة من تاريخ السعودية عبر المنتدى الثقافي والسوق المفتوحة والعارضين من أصحاب دور النشر، في عطش ونهم للقراءة والتزوّد بحقائب البلاستيك التي يحملها كل عشاق الكتاب، وما لفت نظري تلك الجموع الغفيرة من أبناء الثانويات والمراحل الجامعية، الذين جعلوا المعرض مزاراً يومياً على فترات العرض والاستماع إلى الأنشطة المصاحبة ومراكز التوقيع لكل هاوٍ أو مؤلفٍ وَجَدَ لكتابه مُتنفّساً وتشجيعاً من القراء.
أيضاً لفت انتباهي الحضور الإعلامي اللافت عبر ممرات وردهات المعرض في تظاهرة إعلامية نقلت الحدث إلى العالم وعشاق الوطن السعودي، الذين يتُابعون كلَّ جديد في كل عام من منارة الرياض، كيف وقد عوّدتهم على الجديد كل عام.
وتحل هذه المناسبة مع إطلاق الرؤية الجديدة للسعودية 2030 بفكر نيرّ تغذّيه عقلية الإبداع، عندما قدّمت وزارة الثقافة والإعلام برنامجها في التحول الوطني، وكان هاجس المخططين لهذا المعرض أن يَحمْل فكر الرؤية، ولذلك رأينا في المعرض خلال هذه الجولات ركناً للتعريف بأنشطة الوزارة خلال هذه النَقلْة والمعطيات المقبلة التي تحملها أفكْار كل وزارة على حدة.
والمعرض اليوم يُصنع برؤية جديدةٍ عبر تقديم برامج المسرح للطفل والحوار الأسري وتلاقح ثقافة الناشرين بيعاً وشراءً وتبادلا للمعرفة عبر اللقاءات التي تُجريها المحطات الفضائية التي تتسابق على نقل الحدث وكل جديد في المعرض.
ما يهم عشاق القلم والكتاب من معرض الرياض أن يمضي في التجديد حتى لا يكون نسخة مكررة، لكن ما رأيته هو التغيَّر في تنظيم السوق وتوزيع المعارض مما ساهم في الإقبال الشديد على المعرض، الذي ينتظر منه أن ينتقل إلى باحة كبيرة بعيدة عن الضوضاء ونفق المترو ومعرض المنتجات، إلى مكان تجد فيه متعة التسوق وراحة التجوال في موقف عام يستقبل زواره على عدة منافذ، ولعل من المواقع المناسبة أن يحتل المعرض الساحة الشاسعة غرب جامعة اليمامة على طريق الملك فهد شمالاً، حيث الراحة وفسحة المكان تصُاحبهما مستقبلاً سوق تجارية تراثية، تقضي فيه العائلة نهاراً كاملاً عبر منظومة من المطاعم التي توفرها الأسر المنتجة، كيف وقد سبقت التجربة في ميدان الفروسية والجنادرية ومنطقة البجيري وغيرها، لتكون الرياض عامرةً بالثقافة والتراث معاً في أيام جميلة من ربيع الرياض، التي بدأت تلوُح في الأُفق مع بزوغ الرؤية والترفيه والثقافة والتنوع في ذائقة عشقها، الوطن كلهُّ سُرّ بافتتاح هذا المعرض الجميل الذي سيكتمل بإعلانه بإذن الله من أفضل معارض الكتب، والذي يجد فيه المثقف والطفل والمرأة ضالتهم من مزيج من عطاءات الوطن، ولعل التكامل بين معرض الرياض الدولي للكتاب ومعرض جدة للكتاب، يجعلنا أيضاً نتطلع إلى معرض ثالث يجوب المملكة ليكون المعرض المتنقل للكتاب، ويحط في كل منطقة عشرة أيام على الأقل، فلربما أسعفَ أحَدَنَا إن لم يتمكن من حضور معرض الرياض أو جدة، وفق الله الجهود، وشكراً على هذا الحضور ورسالة محبة إلى لجان التنظيم.