عبير مشخص

تاد سميث المدير التنفيذي ورئيس دار «سوذبي» للمزادات جدوله مزدحم بالاجتماعات واللقاءات والتخطيط لمستقبل الدار التجاري والفني، ومن تلك الخطط التي تُعلَن هذا الأسبوع حدث تم التخطيط له منذ أعوام. فـ«سوذبي» سوف تطلق مقرها في دبي وتعزز بذلك مكانها في السوق الفنية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة حركة فنية نشطة وتعافياً في حركة البيع والشراء في مختلف مجالات الفنون والجواهر والأنتيكات، ظلت «سوذبي» تتواصل مع زبائنها في المنطقة بطريقة «هادئة ومتكتمة» سواء عبر العلاقات الشخصية أو الزيارات التي يقوم بها خبراؤها في الدول العربية أو عن طريق مكتبها في الدوحة. «ما الذي أخَّر (سوذبي) عن تثبيت وجودها في المنطقة؟»، كان أول أسئلتي لتاد سميث الرئيس التنفيذي للدار عندما التقيته في مقرها بشارع «بوند ستريت». يبتسم سميث ويجيب بدبلوماسية قائلا: «أستطيع أن أجيبك عن العامين الماضيين منذ تسلمت منصبي»، ويستطرد: «بداية، أريد أن أؤكد أننا موجودون في المنطقة، وكنا نعقد الصفقات والعمليات التجارية مع عملائنا هناك لأعوام طويلة».
يلتقط خيط الحديث إدوارد غيبز رئيس قسم الشرق الأوسط بالدار قائلاً بطريقته الهادئة: «أعتقد أننا كان لنا وجود نشط دائماً في المنطقة، عبر ممثلينا في المنطقة ومكاتبنا في الدوحة وإسطنبول. كما أن قسم الجواهر له نشاط كبير في السعودية منذ أعوام طويلة. خدماتنا كانت دائمة موجودة ولكن ليست معلنة».
التوقيت الذي تأتي فيه الدار للمنطقة له مغزاه، كما يؤكد غيبز: «الأمر كله يتلخص في الأرقام والإحصاءات الإيجابية جداً على مدى الخمس سنوات الماضية. فقد عاينا زيادة بمقدار 76 في المائة في عدد العملاء من منطقة الشرق الأوسط، ومنها أيضاً نسبة ضخمة من الإمارات، حيث بلغت الزيادة في عدد المتعاملين مع الدار في العام الماضي فقط 39 في المائة من الإمارات وحدها. كل تلك الأرقام كانت محفِّزة لنا، أضيفي لذلك أننا وجدنا الفريق المناسب الذي يمكنه تمثيلنا هناك».
خطوة تكوين مكتب في مدينة دبي، كما يقول سميث، كانت من أول الأمور التي فكر بها عندما تولى دفة الدار عام 2015: «وقتها حددنا أهمية إقامة مكتب لنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان هناك حماس لذلك في أقسام الجواهر والفن بالدار، وقوبلت الفكرة بحماس شديد من إدوارد غيبس رئيس قسم الشرق الأوسط ومن الرئيس الإقليمي لـ(سوذبي)، تيم ميرفي. وبالفعل تم اختيار كاتيا نونو لتكون المسؤولة في دبي، وبقيت أمامنا آخر مهمة وهي إيجاد المكان المناسب لنا من حيث الأناقة والمساحة المريحة التي تمكننا من عقد اللقاءات وإقامة الحفلات، وبالفعل وجدنا ضالتنا في المركز المالي بدبي».
من أولويات تاد سميث التي أعلنها للصحافة يوم إعلان خبر تعيينه تنفيذ استراتيجية للنمو والتوسع المحلي، يشرح لنا: «رأينا أن هناك بضعةَ أماكن في العالم يمكننا التركيز عليها، ومنها منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً دبي، هناك أيضاً كاليفورنيا وجنوب فلوريدا وجنوب شرقي آسيا».
لم تقف الأوضاع المضطربة في العالم العربي دون قرار استراتيجي بالوجود في الشرق الأوسط، ولا يرى سميث أن هناك أية مخاوف بشأن المنطقة «هناك عوامل كثيرة تدفع بعجلة النمو في الإمارات منها استقرار أسعار البترول. ثانياً القوة التجارية والمالية بالإمارات ودبي تزداد، ينبغي أن أشير أيضاً إلى عوامل قوة أخرى مثل السياحة وقطاع الخدمات. كل هذه العناصر تدعم النمو وأيضاً تتسبب في زيادة الدخل المادي للأفراد».
يفتتح تاد سميث المكتب الجديد في دبي يوم الثلاثاء 14 مارس (آذار) الحالي مصحوباً بمعرض يعده المسؤولون بالدار أكبر وأوسع معرض فنّي حتى الآن يقدم مجموعة مميزة من الأعمال الفنية العربية والإيرانية الحديثة والمعاصرة، كما يجمع أهم الأعمال والقطع الفنية التي قُدِّمت في جميع مزادات «سوذبي» العالمية، التي تمتد إلى الموسم المقبل، منها عدد من روائع أعمال أشهر الفنانين من المنطقة، إلى جانب قطع تاريخية ومجموعة مختارة من الجواهر والساعات الاستثنائية.
أتساءل: «ما نقاط القوة التي ستميز (سوذبي) عن غيرها في دبي؟»، يجيب غيبز قائلاً: «هناك الخبرة التي نمتلكها ولا يوجد لها نظير، والتي جعلت منا رواداً في المنطقة لعقود، تحديداً في مجال الفنون الإسلامية، أيضاً لدينا شبكة علاقات مميزة في المنطقة، فحن ننفرد بمكتب في إسطنبول نشط جداً على مدى ثماني سنوات، لدينا ممثل في مصر، وهو ما يجعل لدينا درجة أعلى في المنافسة مع الدور الأخرى».
من ناحية أخرى، يقول غيبز إن المزادات التي تعقدها «سوذبي» في لندن وضعت اقتناء الأعمال الفنية من الشرق الأوسط على الخريطة: «استطعنا توسيع قاعدة العملاء المهتمين بفنون الشرق الأوسط في أنحاء العالم، من أميركا الشمالية ومن شرق آسيا وأستراليا وغيرها. وهذا ليس بالضرورة مطابقاً لحال منافسينا. أعتقد أننا في مكان فريد نستطيع فيه أن نستغل نقاط القوة التي بنيت على مدار عقود... أضيفي لهذا الاستثمار الجديد في دبي، وهو ما يجعل طموحاتنا لا حدود لها».
يدخل سميث في الحديث مضيفاً: «أريد أن أضيف أيضاً أن (سوذبي) كشركة تجارية تعد مثلاً للشفافية والنزاهة والثقة، وهي عوامل مهمة جداً. ثانياً نحن نستثمر بقوة في التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، وهي مجهودات لها صدى جيد في الأسواق الناشئة، خصوصاً الشرق الأوسط».
المزايدة على القطع الفنية والثمينة وجدت لها قاعدة من المهتمين في المنطقة العربية، ومن الإحصاءات التي تعلنها «سوذبي» نلاحظ زيادة عدد العملاء على الموقع الإلكتروني من منطقة الشرق الأوسط، فقد ارتفع في الأعوام الخمسة الماضية بنسبة 203 في المائة، وخلال عام واحد من 2015 إلى 2016 ازدادت نسبة المزايدين على الموقع الإلكتروني من منطقة الشرق الأوسط بنسبة 95 في المائة.
أسأله: «ما المستقبل الذي يمكن أن تتوقعه في المنطقة وكيف يمكن لكم أن تكونوا مستعدين له؟»، يقول إنه كوَّن فكرة خلال زيارات لبعض الدول في المنطقة، منها السعودية والإمارات ويضيف: «دعيني أقُل لك إنني قابلت شريحة من المقتنين من المنطقة، لهم مجموعات ضخمة ولهم باع طويل في هذا، هم كأناس يهتمون باقتناء الأعمال الفنية والقطع الثمينة في مرحلة (ناضجة) في أنماط اقتنائهم أكثر من المبتدئين. وهم لديهم قدرة مادية وخبرة ويضعون عنصر القيمة عالياً في حساباتهم، (معظم المقتنين يفعلون ذلك بدافع الشغف بالفن، ولكن هناك أيضاً عامل القيمة)، فمن الممكن أن يتساءل المقتني: (كيف يمكن أن أحافظ أو أزيد من قيمة المجموعة؟)»، ومحمَّلاً بالإحصاءات والأرقام يلتقط غيبز خيط الحديث قائلاً: «المقتنون يشبهون بعضهم في جميع أنحاء العالم، وبالنسبة للمنطقة فهم ينقسمون إلى نوعين: أولئك الذين يجمعون لعوامل ثقافية ويشترون القطع المرتبطة بالثقافة المحلية مثل الفن الإسلامي، والذين يجمعون القطع الثمينة مثل الجواهر والساعات والسيارات. لاحظنا أيضاً ارتفاعاً في اقتناء قطع الفنون الإسلامية، فالعام الماضي على سبيل المثال رصدنا ارتفاعاً في عدد المزايدين بمقدار 40 في المائة».
يشير غيبز لنقطة تعد تحولاً كبيراً مع دخول شريحة جديدة من المقتنين، وهم المقتنون الشباب، الذين يمثلون قوة شرائية واضحة؛ فعلى سبيل المثال نسبة الأعمال الفنية التي ابتاعها مزايدون في الشريحة العمرية (18 - 36) قد ازدادت بنسبة 25 في المائة على مدى السنوات الست الماضية.. .