يعيش عبدالإله بن كيران رئيس الحكومة المغربية المكلف هذه الأيام علاقات متوترة مع الجميع ما يكشف عن وضع نفسي صعب يعيشه الرجل في ضوء فشله في تجاوز حالة الانسداد التي تحيط بتشكيل الحكومة، وفي ظل دعوات إلى البحث عن شخصية وفاقية لهذه المهمة بديلا عنه.

وهاجم عبدالإله بن كيران أثناء حضوره للمؤتمر الوطني الرابع الذي عقده الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية الجمعة بالرباط التيار الفرانكفوني متهما إياه بخلق مشكل بين اللغتين العربية والأمازيغية، ومعتبرا أن الهجوم الذي تعرضت له اللغتان من لدن جهات مغرضة لن ينجح.

واعتبر رئيس الحكومة المكلف أن “مشكلة اللغة العربية في البلاد سياسية”، متهماً الذين يحاربون العربية ويدعون إلى استعمال “اللهجة” الدارجة المحلية بأنهم “يريدون تقطيع أوصال الأمة”.

ويأتي هجوم بن كيران، تعقيباً على دعوة سابقة من نشطاء مغاربة إلى تدريس اللهجة العامية في مراحل التعليم.

وقال مراقبون إن بن كيران لا ينظر لواقع اللغة في ضوء التحديات التي تواجهها العربية في الاستعمال اليومي وإنما كقضية سياسية مرتبطة بخصومه.

وأشار المراقبون إلى أن بن كيران أراد توجيه هجومه للتيار العلماني الذي يناهض ترؤسه الحكومة وأن نقده اللاذع كان موجها بطريقة غير مباشرة لنورالدين عيوش رجل الإشهار وداعم قاموس اللهجة العامية الذي أحدث ضجة بالمغرب.

وسبق أن أصدر نوردالدين عيوش ما وصفه بـ”أول قاموس للدارجة” في ديسمبر 2016 وأطلق عليه اسم “قاموس اللغة العربية المغربية”.

ومن الواضح أن رئيس الحكومة المكلف يتخذ قضية اللغة العربية والدارجة مطية للقول إنه من المدافعين عن هوية الدولة وأن “الدارجة هي لغة تواصلنا اليومي لكن من يريدون إقحامها على أنها البديل إنما يريدون تقطيع أوصال الأمة المغربية”.

وكان نورالدين عيوش قد انتقد ما اعتبره استعمال بن كيران وحزبه للدين من أجل استمالة الناس قائلا “كلنا مسلمون وإلهنا واحد وديننا ومعتقدنا واحد وأنا مسلم أكثر من بن كيران”.

ويقول متابعون إن هناك جهات محسوبة على الفرانكفونيين تناهض استمرار بن كيران على رأس الحكومة باعتباره ممثلا للتيار الإسلامي بالمغرب، مشيرين إلى أن رئيس الحكومة المعين يعي هذا الأمر وربما واتته الفرصة يوم الجمعة الماضية لكي يردّ على موقفهم منه.

ولفت المتابعون إلى أن مديح بن كيران للغة الأمازيغية لا ينفي أن تصريحات سابقة له أثارت غضب المدافعين عن الأمازيغية.

وأعاد بن كيران تأكيده الجازم بأن إدريس لشكر رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي لن يكون مشاركا في الحكومة، متسائلا في لقاء مع شبيبة حزبه العدالة والتنمية السبت بمدينة الوليدية، أنه إذا دخل إدريس لشكر كيف ستكون حالتي وكيف سأنظر إلى هذه الأغلبية وأتعامل معها.

وناشد بن كيران كلاّ من عزيز أخنوش وامحند العنصر رئيسي حزبي الأحرار والحركة الشعبية إجابته على سؤاله: هل تريدون الدخول إلى الحكومة أم لا، ملوحا مرة أخرى بتقديم استقالته إذا استمر الانسداد الحكومي رابطا موقفه بمصلحة الوطن.

ويقول مراقبون إن استمرار بن كيران في معارضة دخول لشكر إلى الحكومة والتمسك بوجود أخنوش يجعل الأمر مستعصيا ويتطلب منه الأمر إعلان فشله في مهمة تشكيل الحكومة وتركها لغيره.

ووصف المراقبون تصريحات بن كيران الصدامية بأنها تنفيس عن الغضب الذي ينتابه بسبب الفشل في تشكيل الحكومة، وإعطاء الانطباع بأنه مازال قويا.

ولم يستسغ بن كيران أسئلة الصحافيين التي تبحث عن المعلومة. فقد تعامل بعصبية مع صحافي كان سأله عما يمكن أن يقوله بشأن تشكيل الحكومة، فرد عليه بن كيران “أليس عيبا عليك تعكر عليّ صفو الجو هذا اليوم، اذهب في حال سبيلك”.