علي حماده

فلتتوقف الملهاة، وليتوقف التذاكي. كل المشاريع التي جرى طرحها في سياق البحث عن توافقات على قانون انتخاب جديد، أقل ما يقال فيها إنها هجينة، وتفتقد الكثير من النضج السياسي، والرؤية السياسية السويّة، وحتى الواقعية. هذا الامر ينطبق على المشاريع الثلاثة التي جرى طرحها حتى الآن تحت بند ما يسمى قانون "مختلط" يجمع بين النظامين الاكثري والنسبي تحت سقف واحد.

نقول هذا لأننا على يقين بأن موعد إجراء تغييرات كبيرة وحاسمة في البنية السياسية في البلد لم يحن بعد. فلا موعد قانون يقوم على اعتماد النسبية الشاملة، أكان ذلك على اساس لبنان دائرة واحد أم دوائر عدة، قد حان بوجود الخلل الوطني الفاضح الناجم عن حالة "حزب الله"، الشاذة سلاحا ودورا ووظيفة وبنية امنية لا تخضع للقانون. لا ننسَ ان الخلل المذكور أسس لطبقية في المواطنية تفرق بين ابناء البلد الواحد وتجعل من المستحيل الحديث الجدي عن بناء دولة، وتحول دون تنفيذ برنامج اصلاحي في البلد من شأنه ان ينقل لبنان من مرحلة دولة المزرعة، الى دولة المواطن.


المشكلة هنا أن ثمة كلاما كبيرا في المسألة الاصلاحية والتغييرية، لكن شروط إنجاحها غائبة تماما.


بناء على ما تقدم، يمكن القول إن كل مشاريع قوانين الانتخاب التي طرحت، وصولا الى الأخير الذي جرى تقديمه مطلع الأسبوع، غير صالحة لعيب أساسي فيها يتصل بوجود نظامين (أي معيارين) انتخابيين تحت سقف واحد (الأكثري والنسبي)، مما ينفي القاعدة الجوهرية لأي قانون بالمطلق، ألا وهو وحدة المعايير التي يخضع لها كل اللبنانيين. ثم إن مسألة تقسيم الدوائر الانتخابية تحمل في طياتها بذور صراع كبير في البلد لا نهاية له، فضلا عن طرق التصويت الملغومة (الصوت التفضيلي). أضف الى ذلك التوتير الطائفي والمذهبي الذي بدأ بالتصاعد على خلفية تقديم الطروحات والمشاريع بطريقة يراها أطراف استفزازية، أقله في الشكل!
لنعد الى الاساس: ثمة ثلاثة مسارات للوصول الى قانون انتخاب: الاول يمر من بوابة طرح "حزب الله"، وبدرجة أقل حركة "أمل" القائم على النسبية الشاملة. والثاني من بوابة طروحات "التيار الوطني الحر" الثلاثة، والذي يطرح القانون المختلط بصيغ مختلفة. والثالث يمر من بوابة العودة الى قانون الستين او قانون الدوحة الذي عاد به الجنرال ميشال عون آنذاك شاهرا شعار عودة الحقوق "السليبة" الى المسيحيين! في المسارين الاول والثاني ثمة استحالات تحدثنا عنها قبلا، وأهمها ان المرحلة الراهنة هي مرحلة انتظار في لبنان والمنطقة، ريثما تتضح الصورة في كل من العراق وسوريا، في انتظار أن نعرف الى اين يسير الصراع الاقليمي معطوفا على بدء ظهور ملامح سياسة اميركية جديدة في المنطقة.


في ظل الاستحالات الداخلية، وأولاها ظاهرة "حزب اللة" الشاذة، وكذلك الترقب الاقليمي، نقول ان التمديد لمجلس النواب غير ضروري، فالاستحقاق النيابي يجب ان يتم في اقرب وقت من دون اهتزازات، وهذا لا يكون إلا بالعودة الى قانون الستين الذي يبقى كما قلنا أكثر من مرة هنا إنه اكثر ملاءمة لظروف لبنان الحالية. فلنعد الى قانون الستين.