عبد الله ناصر الفوزان

يذكرني رجب طيب أردوغان بصدام حسين ليس بدمويّته ودكتاتوريّته بل بقامته المتعالية ونظراته النارية وصلفه الشديد وبشخصيته الطاغية وهيبته اللافتة وبتحريكه من حوله برموش عينيه. في مقابل ذلك التقارب بين صدام وأردوغان هناك فارق كبير بينهما فمقابل تلك الحماقة الشديدة التي قوّض بها صدام وطنه ودهور مجتمعه وأمته تأتي عبقرية أردوغان التي بنى بها اقتصاد وطنه وشيّد هيكل تركيا المدنية بعيداً عن خيبات العسكر ونكباتهم.

للإخوة الذين طايرين في عجة أردوغان مع أوروبا أقول إني أرفع قبعتي لذكاء أردوغان فقد التقط الخيط الذي جاءه من هولندا دون اختيارها (ربما هو من أسقطه) عندما منعوا طائرة وزير خارجيته من الهبوط وبدأ بكل بلاغته وفصاحته يشن الحملات المتواصلة على هولندا ثم ألمانيا والنمسا ثم أوروبا كلها ليستثير المشاعر الوطنية التركية في تلك الدول وفي غيرها ليكون الجواب بنعم لدولته الرئاسية في الاستفتاء الوشيك فهو قد استثمر الفرصة لصالح مشروعه وحتى المعارضين الأتراك اضطروا لتأييده في الخلاف الأوروبي التركي فليس لهم خيار غير ذلك ولو لم يفعلوا خسروا وطنيتهم. سينتهي الاستفتاء بنعم في الغالب وإذا وجد أن المصلحة تقتضي إعادة الأمور إلى مجاريها أعادها كما فعل مع بوتن وإن وجد أن المصلحة تقتضي استمرار الملاسنات مع أوروبا استمر كما تفعل إيران مع أميركا. أردوغان سياسي خطير يملك مهارات عديدة.. فمنذ ترك السلطة في رئاسة الوزارة وانتقل للرئاسة التي بلا سلطة وهو يدير تركيا بأطراف أصابعه باقتدار كبير ولو كنت شاعراً لنظمت فيه قصيدة من قصائد المتنبي في سيف الدولة ولكن على نهج مختلف.. وأرجو ألا يُفهم أني أتفق معه أو لا أتفق فما أكتبه تحليل وكفى، وأظنه سيتحول بالتدريج كما ألمحت في مقال سابق وبعد الاستفتاء إلى السلطان أردوغان الأول.