جيري ماهر 

خلال اللقاء كان الود ظاهرا في كلام الرئيس ترمب تجاه ضيفه الأمير الشاب، الذي وجدت فيه الإدارة الأميركية حماسا وإرادة وحزما في التعاطي مع الملفات المتعلقة بالشرق الأوسط

 وصل الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأميركية للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ولم يكن هذا اللقاء بأي شكل من الأشكال تقليدياً أو متشابهاً للقاءات ترمب مع زعماء العالم، بل كل ما سُرِب عنه كان يؤشر إلى تحول كبير في العلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية. هذا التحول الإيجابي الذي قاده بحزم وأمل ولي ولي العهد محمد بن سلمان بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز، أسس اليوم نقلة نوعية في العلاقات والسياسات الحاضرة والمستقبلية في جوانب عدة أبرزها إيران وتدخلاتها وميليشياتها في المنطقة العربية، وتحديداً اليمن والبحرين وسورية والعراق ولبنان وفلسطين، والاتفاق النووي السيئ الذي أبرمته إدارة أوباما مع الملالي، مُقدمة لهم على طبق من ذهب اتفاقاً يخدمهم ويضر بجميع حلفاء أميركا في المنطقة العربية. 
لم يكن دخول محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض للقاء ترمب تقليديا، بل ظهرت الحفاوة الكبيرة لهذا القائد العربي الشاب والمسلم، وأشدد هنا على المسلم لأن هذه الزيارة وحفاوة الاستقبال التي حظي بها ولي ولي العهد من قبل الإدارة الأميركية كانت لافتة جدا، بل أظهرت حجم العلاقات بين أميركا والسعودية خصوصاً في عهد ترمب، الذي يبدو أنه رسم الخطوط العريضة لهذه السياسة المستقبلية بعناوين عريضة أبرزها: 
السعودية خط أحمر والاعتداء عليها هو اعتداء على الولايات المتحدة الأميركية!
لن نسمح لإيران بالتدخل في شؤون الدول العربية.
لن تسمح أميركا بتهريب إيران المال والسلاح للإرهابيين في اليمن وسورية والعراق والبحرين أو لبنان. 
سيتم تعديل الاتفاق النووي أو إلغاؤه، ولن تستمر الأوضاع على ما هي عليه مع إيران. 
لا فرق بين داعش وحزب الله، والحرب على الإرهاب لن تستثني تنظيمات تدعمها إيران في سورية ولبنان والعراق واليمن.
خلال اللقاء كان الود ظاهرا في كلام الرئيس ترمب تجاه ضيفه الأمير الشاب، الذي وجدت فيه الإدارة الأميركية حماسا وإرادة وحزما في التعاطي مع الملفات المتعلقة بالشرق الأوسط والاقتصاد والتعاون بين الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، وأكثر من ذلك، فقد أبدى الأمير الشاب تفهماً لسياسات ترمب لجهة منع دخول مواطني بعض الدول إلى أميركا، واعتبره شأنا أميركيا داخليا يساهم في حماية الأراضي الأميركية من الهجمات الإرهابية التي يتم التخطيط لها من داخل أراضي هذه الدول، وعلى رأسها إيران التي وبحسب التحقيقات ثبت تورطها في أحداث 11 سبتمبر 2001، والاعتداءات الشهيرة على برجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك ومبنى البنتاجون.
لم تكن زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأميركية زيارة بروتوكولية فقط، بل كانت زيارة تجاوز فيها ترمب وضيفه البروتوكول في أكثر من مناسبة، لإظهار حجم العلاقة الودية بين الإدارتين الأميركية والسعودية، خصوصا تناول الغداء في الجناح الشرقي للبيت الأبيض في الصالة العائلية تحديدا، في دليل على التقارب الكبير بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي، وسعى الأخير إلى إظهار حجم ترحيبه واهتمامه بضيفه، فسمح للصحافيين بدخول الصالة والتقاط صور للضيف، ولم يخلُ الغداء من وجبة دسمة تناولها الأمير ومضيفه الأميركي. كانت هذه الوجبة الحديث عن وضع خطط عسكرية لمواجهة إيران تحديدا في سورية واليمن!
هذا وأبدى مقربون من الإدارة الأميركية ارتياحاً كبيراً لزيارة محمد بن سلمان إلى أميركا خصوصاً من جهة كون الزائر وزيراً للدفاع في دولة مهمة في المنطقة على المستوى العسكري والاقتصادي والسياسي، وذهب البعض إلى اعتبارها تحضيراً لخطط مواجهة إيران في المنطقة العربية وحصارها اقتصادياً وسياسيا، وهو ما تحدثت عنه في مقالات سابقة، عن سياسة ترمب الخارجية قبل أكثر من 3 أشهر، حيث تحدثت نقلاً عن أحد المقربين من الإدارة الأميركية عن خطط ترمب وتحضيراته بشأن إيران والمنطقة العربية وتحالفاته، وعلاقاته مع المملكة العربية السعودية، وهذا ما بدأ يظهر بوضوح في زيارة محمد بن سلمان للبيت الأبيض والاستقبال الأكثر من مميز له، كأول زعيم عربي وإسلامي يلتقي ترمب بعد تنصيبه في البيت الأبيض. 
نعم لقد استطاع محمد بن سلمان أن يثبت للعالم أنه قائد عربي محنك، يسعى من مشرق الأرض إلى مغاربها، إلى تحسين علاقات وأوضاع الدول العربية مع دول العالم لتحقيق الاستقرار والأمن وتحسين الاقتصاد، ليعود بالنفع على الجميع، وكشف مقربون من الإدارة الأميركية أن هذه الزيارة تحمل رسائل كثيرة لإيران أولها في واشنطن وآخرها سيكون في طهران، وأن عليها أن تختار بين التوقف الكامل عن التدخل بشؤون الدول أو الاستعداد لمواجهة عسكرية في كل بقعة جغرافية لها فيها نفوذ!