الياس الديري

أيُّ سرّ في هذه الآفة التي لها في كل عرس قرص؟

لا يمشي قانونٌ، ولا يُلَبّى مطلبٌ إلا إذا انهارت الذيول والمسؤوليات فوق رؤوس ذوي الدخل المحدود جداً، والمحروق سلّافهم من الركض في أثر لقمة العيش، أو البحث عمن يردَّ عنهم أنياب الديون...
لا يُلام قادة هذه الأيام البائسة، فالوضع عايز كده. ولا جدوى من مراجعة وزراء ونوّاب، همومهم محصورة في تحسين وتحصين مصالحهم. وبعيداً جداً من هموم الناس الملحوقين في توفير ما تيسَّر من كفاة يومهم.
ناهيك بضغوط الأدوية عند وجوبها، ناهيك بوقفات الانتظار المريع عند أبواب هذا المستشفى أو ذاك.


هذه ليست مقدِّمة لـ"الترحيب" ببقرة الضرائب، بل انها ردٌّ مباشر على تحضير سلسلة الضرائب، واختيار ضحاياها قبل تحضير "السلسلة" موضوع البازار.


لحسن الحظ لا يزال في الميدان نواب يرفعون صوت الاحتجاج، محذِّرين من خطورة إرهاق اللبنانيين بضرائب جديدة، أقرب الى الارتجال، تنزل على المستهدفين المعتَّرين كنزول الصواعق.


والبعض جاهر بتخوُّفه من إقرار السلسلة وعدم إقرار الواردات اللازمة، وهنا الطامة الكبرى، بل هنا عضّ أصابع الندم. وخصوصاً إذا أُقرَّت "سلسلة الضرائب" وانطلقت من غير أن تكون الرتب والرواتب قد جهزت...
المشكلة الأساسيَّة ليست في السلسلة بذاتها، ولا في وطأة الضرائب العشوائيَّة التي ستكسر ظهور الكثيرين من الناس، بقدر ما هي في كارثة الفساد العام، والانفاق العام، والتسيُّب العام، والهدر العام، وانعدام أيّ وجود للمساءلة والمحاسبة والمعاقبة.


المواطن العادي البسيط يتساءل بصوت مرتفع كيف تُفرض الضرائب على الفقراء ومحدودي الدخل، وتُتَّخذ الاجراءات لهذه السلسلة وتلك فيما الفساد ينخر الدولة بكل مفاصلها وخواصرها ودوائرها؟
وكيف يتمُّ التصويب مرّة جديدة على فئة الدخل المحدود التي تشكّل نصف عدد السكان الاصليين، مع أولئك الذين يطاردون لقمة العيش بشق النفس، عوض "ملاحقة الذين ينهبون المال العام والخاص من دون تمييز"؟
فأين الاصلاحات والتغييرات التي تدفقت بها الوعود والمواعظ؟ وأين أصبحت تدابير الإغارة على جماعات الفساد والنهب والهدر؟
الرئيس فؤاد السنيورة ينبّهكم الى أن الاصلاح ليس أُغنية نغنّيها متى شئنا. لقد أقررنا السلسلة قبل 19 سنة ولم نصدر الاصلاحات ولم نتمكن من اقرار أي اجراءات اصلاحية.


وفوق ذلك ضيّعنا باريس 2 وباريس 3، فتراجع النمو وتراجعت المالية، وتراجعت الآمال.