محمد آل الشيخ

أصدر الشيخ عبدالمحسن العباد البدر، وهو شيخ طاعن في السن، ويقولون إنه محدث، على موقعه في الإنترنت بياناً عنيفاً في لغته واتهاماته يعترض فيه على تعيين البروفيسورة «دلال محي الدين نمنقاني» عميدة لكلية الطب في جامعة الطائف بشقيها قسم الطلاب وقسم الطالبات، انطلاقا من أن عمل المرأة في المناصب القيادية (منكر) لا يجيزه ولا يقره الدين الحنيف؛ وأن قرار التعيين هذا (كارثة عظمى تحل بالشعب السعودي) كما قال المذكور في بيانه المتعسف.

البيان مجرد جعجعة فارغة، خال من أي دليل من الكتاب والسنة، سوى مقولات لبعض الفقهاء، التي هي الأخرى بلا دليل ولا قياس مُحكم؛ فالفقيه لا يستدل به، وإنما يستدل له كائنًا من يكون؛ إلا أنه التعصب للعادات والتقاليد الموروثة، التي يتخذ منها المتطرفون الغلاة، أسلوبا يمارسونه متوهمين أن باستطاعتهم إيقاف الزمن عند حقبة زمنية مضت، ويصرون على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لتستقر هناك..

البروفيسورة التي اعترض العبّاد على تعيينها مفخرة من مفاخر الوطن، وقمة أكاديمية تكاد أن تلامس السحاب. وسأسرد هنا جزءاً يسيراً من سيرة هذه المفخرة العلمية السعودية. حاصلة على بكالوريوس الطب والجراحة (MBCHB) من جامعة الملك عبدالعزيز في جدة عام 1991م. ثم عملت معيدة في قسم علم الأمراض بكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة. أستاذ مساعد بقسم علم الأمراض في كلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة. حاصلة على زمالة الأكاديمية الدولية لعلماء الخلايا (IAC). وزمالة الكلية الأمريكية لعلماء الأمراض (IFCAP). وزمالة الكلية الملكية البريطانية (FRCPATH), وزمالة جامعة الملك سعود - علم الأمراض والخلايا (FPATHKSU. ومن أعمالها: مديرة المختبر وبنك الدم بمستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي - الطائف. المدير الطبي بقسم المختبر وبنك الدم - بمستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي. استشاري علم الأمراض النسيجي والخلايا بمستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي. استشارية علم الأمراض والخلايا بمستشفى الهدا العسكري. هذا جزء، وليس كل ما تتضمنها سيرتها العلمية المبهرة.

الشيخ لا يهمه كل هذا، ولا يكترث به، فغاية ما يعترض عليه، ويدعي أن الدين لا يقره، أن تكون امرأة ترأس الرجال، وضع نقطة في آخر الجملة.

أعرف أن هذا الشيخ امتداد لأولئك المتطرفين الغلاة الذين اعترضوا على تعليم المرأة، وأعرف -أيضا- أن الزمن، وقطار التنمية لن يتوقف عند هذه الاعتراضات السخيفة والمتخلفة، التي لا دليل لها من الكتاب والسنة، غير أنني أردت من الرد على هذا البيان أن أثبت للخارج أن هذا الشيخ، ومن يدورون في فلكه، ومن يقولون بقوله، هم من عقبات مسيرة التنمية البشرية التي تواجه السياسي المتنور في بلادنا، والتي لو اكترثنا بهم لكانت بلادنا تماما مثل الصومال أو دولة (طالبان) التي يضرب بها العالم مثالا في التخلف والانحطاط والرجعية. وهم -بالمناسبة- ما زال لهم شعبية واسعة لدى العوام في المملكة، ولهم أتباع، ومريدون؛ ولك أن تتصور لو تمكن هؤلاء المتخلفون من السيطرة على القرار السياسي من خلال الانتخابات، التي يطالب بها البعض، أي مصير ومستقبل كالح السواد ينتظرنا؟

إلى اللقاء