هاني سالم مسهور

تحقق الاستنتاج لعشرات المحللين السياسيين، فالولايات المتحدة تعود إلى التوازن الاستراتيجي من خلال مطاردتها لعدوها التقليدي «تنظيم القاعدة»، لم يكن صعبًا الوصول إلى هذه النتيجة منذ فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية وحتى ما قبل تسلّم مقاليد السلطة، فالجمهوريون يدركون أهدافهم ويتعاملون مع خصومهم بانقضاض سريع، حساباتهم العسكرية واضحة ولا تحتاج إلى تأويل لذلك لم يكن الحديث حول أهداف مبهمة، بل كان حول مدى ما ستذهب إليه الولايات المتحدة من مدى في حربها التقليدية ضد خصمها اللدود.

بعد عملية الإنزال الأمريكية في محافظة البيضاء في اليمن، تحدث البنتاغون عن حصول القوة الأمريكية عن (كنز) من المعلومات حصلوا عليها من خلال أجهزة الحواسيب التي كان يمتلكها الإرهابيون الذين تم تصفية العشرات منهم في العملية، وفيما كان جدل واسع يدور حول نجاح عملية الإنزال بعد مقتل أحد الجنود الأمريكيين، بدأت عملية أمريكية متواصلة من صباح الثاني من مارس 2017م في محافظات يمنية مختلفة (أبين وشبوة والبيضاء ومأرب) وهذه محافظات تُعد حواضن للإرهابيين.

في المقابل كشفت قوات النخبة الحضرمية عن اكتشافها مخازن للأسلحة والمتفجرات في الشحر وغيل باوزير، وأن الكميات الكبيرة أكَّدت التقارير الاستخباراتية عن استعدادات لـ«تنظيم القاعدة» في حضرموت بشن هجوم واسع في ذكرى تحرير المُكلا الذي يصادف (26 أبريل)، وهنا يأتي دور التحالف العربي الذي يضع مكافحة الإرهاب ضمن أولوياته في عملياته العسكرية في اليمن، فلقد أسهمت كل من السعودية والإمارات في إعداد الآلاف من قوات الأمن الخاصة المعنيّة بمطاردة العناصر المتطرفة والقضاء عليهم.

الأمريكيون الذين أعلنوا عن مقتل المطلوب ياسر السلمي ضمن غاراتهم الجوية المتواصلة في اليمن يحاولون اختصار الزمن الممكن لمعالجة الفجوة التي تركتها الإدارة الأمريكية السابقة، فتراجع الدور الأمريكي خلال حقبة الرئيس أوباما في الشرق الأوسط أسهم بشكل مباشر في حصول العناصر الإرهابية على فرصة وجود ليس في اليمن فقط بل ليبيا وسوريا والعراق ولبنان وتحملت دول كالسعودية عبء التراجع الأمريكي وعملت مع الإمارات في اليمن مثلاً على مواجهة طرفي الإرهاب القاعدة من جهة والحوثيين من جهة أخرى.

تواصل العمليات العسكرية الأمريكية في اليمن لا يبدو أنه سيتوقف فالمنتظر أن تتواصل هذه العمليات التي تتطلب التذكير بما يجب من احتياطات تبدأ من تشديد الرقابة على طول الحدود السعودية اليمنية التي قد لا تجد العناصر الإرهابية سوى الهروب من خلالها مع زيادة الضربات الدقيقة صوبها، كما أن الأهمية تزداد لتأهيل أكبر للمنظومة الأمنية في المناطق المحررة وعلى رأسها مدينتي عدن والمُكلا، وهذا يتطلب سرعة في الملف السياسي الذي يتوجب هو الآخر أن تسهم الولايات المتحدة بالضغط على طرفي الانقلاب والبدء السريع في الانتقال السياسي ووضع حدّ للانفلات الأمني الذي تستغله العناصر الإرهابية فهي المستفيد الأكثر من حالة الفوضى السائدة في اليمن.