سجلت الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والصين قفزة كبيرة بتوقيع اتفاقية مع مجموعة هيتي الصينية لبناء مدينة صناعية ذكية قرب طنجة في مشروع ضخم من المتوقع أن يوفر عشرات الآلاف من فرص العمل لسكان المنطقة الواقعة شمال البلاد.

وتم التوقيع على الاتفاقية خلال حفل أقيم في القصر الملكي في طنجة الاثنين، وترأسه الملك محمد السادس وعرض خلاله وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي حفيظ العلمي الخطوط العريضة لمشروع “مدينة محمد السادس طنجة-تك”.

وقال العلمي في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إن “الشركات الصينية تبحث عن منصات تنافسية وقد اختارت المغرب كإحدى هذه المنصات”.

وأشار إلى أن وضع حجر الأساس لهذه المدينة سيتم في النصف الثاني من العام الحالي على أن ينتهي بناء هذه المدينة الصناعية خلال 10 سنوات.

ويندرج بناء المدينة الصناعية التي ستمتد على مساحة ألفي هكتار في إطار مذكرة تفاهم تم توقيعها في بكين في مايو الماضي، خلال زيارة العاهل المغربي إلى الصين.

لي بياو: اختيار طنجة لإقامة المشروع ليس صدفة بل بسبب موقعها الاستراتيجي

ويشرف على المشروع البالغة تكلفته حوالي مليار دولار كل من محافظات طنجة وتطوان والحسيمة والمجموعة الصينية ومجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية.

وبحسب التقديم الرسمي للمدينة الصناعية، فإن المشروع المشترك بين المغرب والصين يرمي إلى إنشاء قطب اقتصادي بوسعه إحداث 100 ألف فرصة عمل، من بينها 90 ألف فرصة عمل على الأقل ستؤول إلى العاطلين من منطقة طنجة.

ومن المقرر أن تضم المدينة الصناعية العشرات من الشركات الصينية في مختلف القطاعات. ويتوقع أن تسهم في الإقلاع السريع للأنشطة الاقتصادية في المنطقة الواقعة شمال البلاد.

ونقلت وكالة الأنباء المغربية عن لي بياو رئيـس المجمـوعـة الصينية قـولــه إن “المشـروع المدعوم بصناعة دقيقة وصناعة عصرية للخدمات يشمل استقرار 200 شركة صينية تنشط في صناعة السيارات وصناعة الطيران وقطع غيار الطائرات والإعلام الإلكتروني والنسيج وصناعة الآليات وصناعات أخرى”.

واعتبر بياو أن اختيار طنجة لاحتضان المشروع ليس وليد الصدفة، بل كان بسبب موقعها الاستراتيجي “عند نقطة التقاء القارات على بعد 15 كلم فقط عن أوروبا مع بنية تحتية ذائعة الصيت، لا سيما ميناء طنجة”.

ويعتبر المشروع أولى ثمار الإعلان المشترك المتعلق بإرساء شراكة استراتيجية بين الرباط وبكين الذي أطلق خلال زيارة العاهل المغربي للصين العام الماضي حيث توجت بتوقيع 15 اتفاقية في عدة مجالات.

وتغطي الاتفاقيات آفاق التعاون في قطاعات اقتصادية مختلفة مثل الطاقة والمعادن والسياحة والقطاع المالي والمصرفي وصناعة السيارات وتطوير البنية التحتية.

ومنذ سنوات يطبق المغرب سياسة اقتصادية تقوم على تنويع الشراكات الاقتصادية مع مختلف دول العالم وبناء مدن اقتصادية ولا سيما في طنجة، البالغ عدد سكانها مليون نسمة والتي تحتضن العديد من المناطق الصناعية.

وخصص مخطط التسريع الصناعي 2020-2014 محورا إستراتيجيا للشراكة الصناعية بين المغرب والصين التي طورت خبراتها في مجال المدن الصناعية والذكية.

وتسعى الرباط للاستفادة من تجارب الصينيين في تصميم المدن على أساس إدماج المناطق الصناعية والتجارية والسكنية والخدمات العامة والترفيهية بشكل متناغم مع تزويدها بالتكنولوجيا الأكثر تطورا وتلاؤما مع متطلبات الحياة العصرية.

حفيظ العلمي: بناء المدينة يبدأ في النصف الثاني من 2017 وينتهي خلال 10 سنوات

ويريد المغرب تعزيز دوره كنقطة لقاء بين التكتلات الاقتصادية الكبرى في العالم، مستفيدا من موقعه الجغرافي واتفاقاته الكثيرة للتبادل التجاري الحر ومشروع المدينة الصناعية يكرس استراتيجيته كجسر اقتصادي بين الصين وكل من أوروبا وأفريقيا.

ويقول خبراء إن العلاقات الاقتصادية المغربية الصينية بوسعها أن تتطور أكثر فأكثر بفضل تكامل موارد البلدين وإمكانياتهما والإرادة التي تحذو قائديهما في جعل تعاونهما في خدمة أفريقيا وأوروبا.

وشهد التبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات الخمس الماضية نموا كبيرا مكن الصين من أن تصبح الشريك التجاري الثالث للمغرب بعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وكانت البنوك المغربية منذ سنوات هي السباقة إلى التقارب مع العملاق الآسيوي لا سيما من أجل مصاحبة صادرات المكتب الشريف للفوسفات والتعريف أكثر باقتصاد البلاد، في حين بدأ المستثمرون الصينيون في غزو السوق المغربية بشكل واضح.

وأعلنت شركة “دونغفينغ”، ثاني مصنع صيني في قطاع السيارات، عن استقرارها في المغرب في إطار شراكة تجمعها مع المصنع الفرنسي بي.إس.آ في موقعه بالقنيطرة شمال البلاد.

وتعمل مجموعة “رياض موتورز هولدينغ” المغربية المختصة في تركيب الشاحنات المستوردة من الصين لفائدة علامات من قبيل “باو سينوتراك” و“زونغتونغ باس”.

وفي قطاع الاتصالات، افتتحت شركة هواوي المتخصصة في صناعة الهواتف المحمولة والاتصالات في يونيو 2015، مكتبا ثانيا لها في الدار البيضاء بعد مكتبها الأول الذي دشنته في عام 2006، بينما افتتحت شركة لينوفو للهواتف الذكية مكتبا إقليميا لها في المغرب.