أحمد الفراج 

خلال الأسبوع الماضي، سئلت من قبل مقدمة نشرة الأخبار في قناة العربية عن رأيي فيمن يربط علاقة المملكة بأمريكا بـ»البترودولار»، وكان جوابي هو أن هذا ما يردده اليسار العربي المأزوم منذ عقود، وهو الاتهام الذي يطال دول الخليج عامة، وليس المملكة وحسب، إذ هو جزء من الهجوم المتكرر على دول الخليج، وغني عن القول إن الدول العربية، التي تبنت أطروحات اليسار البائسة، ظلت، ولا تزال، تعاني من تبعات ذلك، والمملكة بثقلها الديني والسياسي والاقتصادي ليست من جمهوريات الموز، وبالتالي فإن ربط علاقتها بأمريكا بالنفط والمال فيه من التجني ما لا يصمد أمام واقع هذه العلاقة التاريخية.

أثناء لقاء الرئيس ترمب بسمو ولي ولي العهد خلال الأسبوع الماضي، تم التطرق لقضايا في غاية الأهمية، ما سيساهم في تعزيز العلاقات الاستراتيجية السعودية الأمريكية، والعمل جديًا على أن تبقى أقوى من أي وقت مضى، وكان على رأس ذلك قضية الإرهاب، التي أرهقت العالم أجمع، خلال العقدين الماضيين، وزادت وتيرتها خلال السنوات الماضية، إذ وصل الإرهاب إلى أوروبا وأمريكا، وهو الأمر الذي حذر منه خادم الحرمين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، منذ عدة سنوات، عندما قال: «إنه ما لم يتعاون معنا الغرب في مكافحة الإرهاب، فإنه سيتمدد إليهم مستقبلا»، وقد أدركوا ذلك متأخرين، عندما صدقت نبوءة الملك الراحل، وضرب الإرهاب بعض المدن الغربية، ولذا فقد تم الاتفاق في لقاء ترمب مع الأمير محمد بن سلمان على تعزير الجهود في مكافحة الإرهاب، والسعي إلى أحداث نقلة نوعية وشراكة إستراتيجية في هذا الجانب، خصوصًا فيما يتعلق بمكافحة تمويل الجماعات الإرهابية ومكافحة أنشطتها فكريًا، وهذا تطور إستراتيجي هام، فلا يمكن القضاء على الإرهاب، ما لم يتم قطع التمويل عن تنظيماته، وتدمير بنيته الفكرية، لأن العمل الأمني لوحده يقضي على الأوراق، ويبقي الجذور، التي تنمو باستمرار.

اللقاء السعودي الأمريكي دشن رسميًا عودة التحالف التاريخي بين البلدين من جديد، بعد فترة ركود غير مسبوقة، في زمن الراحل باراك أوباما، الذي احتفل بفوزه العرب والمسلمون، فكانت فترة رئاسته كابوسا مزعجًا لهم، إذ تقارب مع إيران على حساب الحلف التاريخي مع المملكة، وهي السياسة التي شجبها الرئيس ترمب، منذ ترشحه للرئاسة ووعد بتعديلها في حال فوزه، وبما أن ترمب أثبت أنه رجل مواقف، ينفذ ما يعد الناخبين به، فقد أبلغ الأمير محمد بأن هناك توافقاً بين البلدين فيما يخص الملف الإيراني، كما ثمن ترمب موقف المملكة تجاه هذا الملف أثناء فترة أوباما، وأشاد بخطوات المملكة -سابقًا وحاليًا- تجاه تدخلات إيران في شؤون دول المنطقة الداخلية!

اللقاء السعودي- الأمريكي تطرق لملفات عديدة، دشنت عودة المملكة كحليف تاريخي موثوق لأمريكا، لأن إدارة ترمب الجمهورية تدرك، كما أدركت كل الإدارات الأمريكية التي سبقت أوباما، أهمية الأدوار المحورية، التي تقوم بها المملكة لدعم الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ولا شك أن هذا اللقاء، وما تمخض عنه من قرارات وتصريحات، يؤكد على التوافق الكبير في الأهداف ووجهات النظر بين البلدين في مختلف القضايا، وعلى كافة المستويات، ومن شأن ذلك أن يساعد على تطور ملحوظ في العلاقات الاستراتيجية التاريخية بين البلدين مستقبلا.