جاسر عبدالعزيز الجاسر 

بدأت أمس، وعلى ضفاف البحر الميت في الأردن، القمة العربية الثامنة والعشرون، والتي تعقد وسط حالة قنوط ويأس عربيين لا يمكن إخفاؤهما؛ إذ إن مساحة القلق لدى المواطن العربي تتسع بحجم مساحات الاختراق التي تتم لدول عربية بعضها فقد الهوية العربية، فبالإضافة إلى فقده استقلاله السياسي وإرادته، تحتل أراضيه مليشيات أجنبية بعضها من دول غير عربية، وبعضها مليشيات طائفية تنشر وتكرس الكراهية والفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

هذه الحالة الشاذة التي تعاني منها دول عربية عديدة بعد موجة ما سمي بـ(الربيع العربي) الذي تحول من خلال توظيفه من قوى معادية للعرب إلى (التخريب العربي)، والذي طال العراق وسوريا وليبيا، واليمن ومصر وتونس وكاد أن يلحق دولاً أخرى بهذه القائمة من الدول العربية المؤثرة، إلا أن يقظة وسرعة وحزم تحرك قادة عرب يستشعرون دورهم القومي حصَّن دولاً أخرى كانت مستهدفة كدول الخليج العربية.

الدول العربية، بما فيها من تعرضت للاختراق وهيمنة الأنظمة المعادية لآمال وطموحات المواطنين، استيقظ مواطنوها وجميعهم يرفضون الهيمنة وتسلل القوى المعادية للعرب والمسلمين، بما فيها الدول التي تحُكَم بالوكالة من قبل القوى الطامعة، ومن يمثل هذه الأوطان المستباحة سيواجهون ضغوطاً مركبة، فبالإضافة إلى حفظ شعوبهم التي تهب بين الحين والآخر من خلال التظاهرات، وبعضها تشن معارك يتصدى أبناؤها للقوى التي تحتل بلادهم من مليشيات وقوات طائفية، إضافة إلى ما سيواجهون من ضغوط جديدة من القادة العرب الذين سيلتقون من يمثلون (أنظمة الوكالة)، وقد فهم وعلم القادة العرب حجم العمالة، وما يقوم به من يعمل على تمرير مشاريع وأجندات أعداء العرب الذين وضحت مقاصدهم للجميع.

ولهذا، فإن هناك آمالاً وطموحات، وبالذات من المحللين والمهتمين بالشأن العربي من أن القادة العرب قادرون على إحباط كل محاولات تدمير الوحدة العربية والتصدي لمخططات التفتيت والفتنة، سواء الطائفية أو حتى تلك التي غرست القوى الدولية والإقليمية مستفيدة من حالة الشتات والفرقة التي سادت العلاقات العربية بعد اختراق قوى إقليمية معروفة لدول محورية، إثر ابتعادها، والشلل الذي فرض على تحركاتها السياسية والدولية على مدى تماسك الدول العربية، وهذا ما أدى إلى تفاقهم وتراكم الأزمات التي شخصتها الدوائر العربية المسؤولة، وهو ما ساعد على وضع ملفات شاملة لتلك الأزمات من خلال ملف واحد أطلق عليه (ملف الأزمات)، والتي اتفق القادة العرب على مواجهتها تحت شعار (العمل معاً)، من أجل إنهاء الأزمات، وسيكون النقاش واضحاً وشفافاً، ودون أي مواربة، فطالما القلب العربي لا يزال حياً ونابضاً، وبوجود قادة عرب حازمين يستشعرون ما تمر به الأمة العربية من مشاكل نتيجة حصار أعداء العرب لهم، فإنه لا ملجأ للعرب سوى العرب، وهو ما سوف تسعى قمة عمان لتحقيقه على أرض الواقع حتى وإن كانت الاجتماعات على ضفاف البحر الميت.