"الاقتصادية" من الرياض

استبعد ديفيد ديفيز الوزير البريطاني المسؤول عن شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي أمس اضطرار بلاده لدفع 50 مليار جنيه استرليني (62 مليار دولار) للاتحاد الأوروبي في إطار عملية الانفصال مضيفا أن عصر دفع مبالغ ضخمة لبروكسل انتهى.

وكانت تقارير إعلامية بريطانية قد ألمحت إلى أن بريطانيا قد تضطر لدفع ما بين 50 و60 مليار جنيه استرليني من أجل الوفاء بتعهداتها القائمة في الميزانية في سياق التفاوض للخروج من الاتحاد.

وبحسب "رويترز"، فقد قال ديفيز لمحطة "آي.تي.في" التلفزيونية أمس: "لم تقدم المفوضية أي طلب لنا. ولكن رؤيتنا بسيطة للغاية، وسنفي بالتزاماتنا فنحن بلد يلتزم بالقانون، وسنضطلع بمسؤولياتنا لكننا لا نتوقع أي شيء من هذا القبيل. لقد ولى عهد سداد مبالغ ضخمة للاتحاد الأوروبي لذا بمجرد خروجنا ينتهي الأمر".

من جهة أخرى، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ضرورة اتفاق بريطانيا على شروط انسحابها من الاتحاد الأوروبي قبل بحث الدول الأعضاء مسائل أخرى معها على غرار الاتفاقات التجارية.

وأفاد بيان للرئاسة الفرنسية أن هولاند ذكر ماي في اتصال هاتفي "بمبادئ التفاوض" مشددا على ضرورة إجرائها بأسلوب واضح وبناء لإزالة نقاط الغموض وضمان احترام تام لمبادئ ومصالح الاتحاد الأوروبي بـ27 عضوا.

وأضاف الرئيس الفرنسي أنه من هذا المنطلق، فإن علينا أولا أن نبدأ في بحث آليات الانسحاب، خصوصا على مستوى حقوق المواطنين والواجبات المنبثقة من الالتزامات التي قطعتها المملكة المتحدة، ثم استنادا إلى التقدم المنجز يمكن فتح مباحثات بشأن إطار علاقاتها المستقبلية استنادا إلى رسالة دونالد توسك باسم المجلس الأوروبي، ومن جهتها، عرضت ماي على هولاند المقاربة التي تريد حكومتها اتباعها في النقاشات المقبلة.

ويستعيد هولاند في تصريحه أصداء تصريحات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي رفضت دعوة رئيسة الوزراء البريطانية إلى إجراء محادثات لتحديد شروط العلاقات الثنائية في المستقبل بالموازاة مع مفاوضات انفصال بلدها عن الاتحاد الأوروبي.

وذكرت ميركل، أن المفاوضات يجب أن توضح أولا كيف سنفكك علاقتنا المتشابكة، وبعد معالجة هذه المسألة فقط، يمكننا أن نبدأ الحديث عن علاقتنا المستقبلية، في وقت قريب بعد ذلك.
وفي رسالة وجهتها ماي إلى بروكسل لبدء آلية الانفصال قالت: "نعتقد بضرورة الاتفاق على شروط شراكتنا في المستقبل وعلى شروط انسحابنا من الاتحاد الأوروبي في الوقت نفسه"، الأمر الذي استبعدته بروكسل مرارا.

ومع انطلاق عملية "بريكست" رسميا، تستعد الحكومة البريطانية لمفاوضات طويلة الأمد على أمل التوصل إلى أفضل اتفاق في نظرها مع بروكسل، مع البدء في الوقت نفسه فصل القانون البريطاني عن التشريعات الأوروبية.

وبدأت حكومة تيريزا ماي اعتبارا من أمس نشر الكتاب الأبيض لمشروع قانون بعنوان "الإلغاء الكبير" من أجل إلغاء مادة من القانون تعود إلى 1972 وتتيح دمج التشريع الأوروبي في القانون البريطاني.
والهدف من مشروع القانون الجديد هو تحويل هذه التشريعات الأوروبية إلى قوانين محلية والاحتفاظ بالقوانين المفيدة منها مع إلغاء الباقي، وأكدت ماي أمام مجلس العموم أن ذلك من شأنه أن يوضح الطريقة التي سنقوم بها بنقل الأحكام المهمة لمحكمة العدل الأوروبية.
ويفترض أن تتم هذه العملية على مراحل لتفادي قفزة في المجهول على صعيد القضاء خصوصا أن الأمر يتعلق بـ 19 ألف قانون أوروبي يتم تطبيقه في بريطانيا، وفي الوقت نفسه، لن تكون مفاوضات الخروج مع الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أسهل.
وأعلنت ماي أنها تريد توقيع شراكة وثيقة وخاصة تشمل تعاونا اقتصاديا وأمنيا، مطالبة بأن تتم مفاوضات "بريكست" بالتوازي مع الاتفاق الجديد الذي سيربط بين بلادها والاتحاد الأوروبي.
وإذا كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد رفضت الطلب وشددت على "ضرورة توضيح كيفية فك" الروابط التي نسجت على مدى 44 عاما قبل أي شيء، فإن دونالد توسك سيعرض اليوم باسم المجلس الأوروبي، مقترحات حول "توجهات المفاوضات" التي ستحدد بشكل عام الخطوط الحمر التي يجب عدم تجاوزها على صعيد الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى اتفاق حول خروج بريطانيا، وسيتم عرض هذه المقترحات على قادة الدول خلال قمة في بروكسل في 29 نيسان (أبريل).
وقبل ذلك، يصوت البرلمان الأوروبي خلال جلسة بحضور كامل الأعضاء في 5 نيسان (أبريل) في ستراسبورج على نص ينص على "أن اتفاقا حول العلاقات المستقبلية، لا يمكن التوصل إليه إلا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
وحذر المجلس الأوروبي مرارا من أن الاتحاد الأوروبي "سيعمل بشكل موحد وسيحافظ على مصالحه"، وإذا كانت ماي وبروكسل مستعدتين للتوصل إلى اتفاق حول حقوق المهاجرين الأوروبيين، فإن فاتورة الخروج التي ستقدمها بروكسل إلى لندن لتسديد تكلفة التزامات قامت بها قبلا، يمكن أن تشكل نقطة خلاف قوية، وتقدر بروكسل أن الفاتورة ستراوح بين 55 و 60 مليار يورو.

إنشرها