مشاري الذايدي 

ثمة وهم قاتل يتكوم الآن في عقل الإدارة الأميركية بخصوص الكارثة السورية، خلاصته، نحن لا شأن لنا ببقاء أو رحيل بشار الأسد ونظامه، ليست أولوية، المهمة الأميركية الرئيسية في سوريا، والعراق طبعا، هزيمة «داعش»... وبس!
وهم قاتل لأنه يختزل الأزمة بتسطيح مدمر، فبشار بنظامه، ليس مجرد عمدة بلدية، يأتي بالانتخاب، في كوبنهاغن أو سان فرنسيسكو، ويرحل بالانتخاب.
بشار الأسد بنظامه، معدن الفتنة، مصدر التطرف، منبع الطائفية، رحم التوتر، مصنع الأزمة، مغناطيس الإرهاب العابر للحدود.
رحيله أو ترحيله، هو المدخل الوحيد، لتطهير الجرح السوري المتقيح، تمهيدا للجراحة الصحيحة، فالنقاهة.
لولا بشار، حسن نصر الله، قاسم سليماني، قيس الخزعلي، مصطفى بدر الدين، جواد مغنية، طلال حمية، وأمثالهم من القتلة الطائفيين الشيعة، لما وجد العدناني والجولاني والبغدادي. لولا التدخل الروسي الجلف، لما تشكلت ألوية تحمل أسماء من التاريخ الساخن لبلاد الشام مثل الزنكي وصلاح الدين وغيرهما.
لذا فكلام المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر بتأييد تعليقات وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، والسفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي، حول عدم اهتمام إدارة الرئيس ترمب بمصير بشار الأسد، هو مدخل واضح لتجذير الكارثة السورية الأمنية، قبل الإنسانية والسياسية.
وزير الخارجية الأميركي تيلرسون كان قد قال، أنار الله بصيرته! إن «الشعب السوري هو من سيقرر مستقبل الأسد». نفس كلام بشار عن نفسه!
السيناتور الجمهوري، جون ماكين، نقض هذا «الهراء» السياسي فقال بسخرية مرة: «إن السوريين لا يمكنهم تقرير مصير الأسد بينما هو ماض في ذبحهم».
فرح أنصار بشار ونصر الله وخامنئي وبوتين، بهذا الموقف الأميركي الجديد، كل على طريقته وثقافته، من هؤلاء، اللواء اللبناني الذائب في بشار، جميل السيد، فغرّد بتويتر: «أميركا: لم يعد يهمّنا إسقاط الأسد! ما رأي عملاء أميركا الصغار والكبار في لبنان والمنطقة؟!».
حتى لو أراد الغرب، بقيادة واشنطن، اختصار المعضلة السورية بملف أمني واحد هو «داعش»، فلن يفلح القوم في هزيمة «داعش»، وهم يصنعون المناخ الملائم لولادة دواعش أخر.
يعني حتى من باب الأمن، يجب إشعار الطرف السوري المقهور من ماكينة الإجرام الأسدية والإيرانية والروسية، أن العالم الغربي المتحضر يتفهم مأساته ويناصره فيها، حتى تكسب الحرب الأميركية ضد كل الجماعات المتأسلمة المسلحة «حضنا» شعبيا سوريا.
واضحة القصة!
سيكتشف تيلرسون ومعه نيكي هيلي - تحدثت مؤخرا بالأمم المتحدة عن حقوق الشعوب «المغدورة» - أن القصة ليست حنقا شخصيا ولا مؤامرة على «المقاوم» بشار... بل سعي لإنقاذ المشرق والعالم من «قدر» خطير.. . .