جيري ماهر 

المطلوب اليوم من الفرقاء اللبنانيين الالتفاف حول الحريري والعمل مع حكومته لإرساء الأمن الذي سيعود بالنفع على جميع اللبنانين

لا يختلف اثنان على أن زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى الرياض برفقة الملك سلمان بن عبد العزيز هي رسالة إلى من يهمه الأمر، عنوانها الأبرز أن الحريري حليف استراتيجي، وأن السعودية سوف تدعم سياساته وخططه الاقتصادية والدبلوماسية عربياً ودولياً وفق التوافق اللبناني.
الرسالة واضحة واللقاءات التي أجراها الرئيس الحريري والتي استمرت حتى ما بعد منتصف الليل بتوقيت الرياض مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومناقشة الأوضاع بين البلدين والمستجدات في المنطقة، بالإضافة إلى التطرق إلى مواضيع أخرى تخص اليمن وسورية والتدخلات الإيرانية في المنطقة، كانت أوضح وهي تشير إلى أن كل ما أشيع سابقاً عن قطيعة وبرود في العلاقة بين الطرفين غير صحيح.
الصور التي نشرها الإعلام أظهرت حجم الاهتمام الذي حظي به سعد الحريري في المملكة من قبل الملك سلمان وولي عهده وولي ولي العهد، وكافة المسؤولين الذين حضروا لاستقبال الملك وضيفه بعد عودتهما من العاصمة عمان، لم يكن لدى الكثيرين أي شك بحجم حرص المملكة على سعد الحريري ودعم سياسته في لبنان وتوجهاته وقراراته الأخيرة، رغم محاولات البعض إظهار أن هنالك شرخا في العلاقة بين الجهتين ليأتي الرد من الملك سلمان مباشرة ومن العاصمة الأردنية عمان وأمام زعماء العالم العربي، مصطحباً رئيس الوزراء اللبناني من البحر الميت إلى عمان ومنها إلى الرياض. 
إن المرحلة القادمة ستحمل الكثير من التغيرات الإيجابية على لبنان وحكومة سعد الحريري، فما بعد الزيارة لن يكون بالطبع كما قبله، وإن المملكة ستكون أكثر اهتماماً ومتابعةً للملف اللبناني على عدة مستويات، سياسية واقتصادية وحتى عسكرية لجهة دعم الجيش والقوى الأمنية لفرض المزيد من الاستقرار في لبنان، ليكون سلاح الدولة هو الأقوى على الأرض بوجه الدويلات والميليشيات وتهديداتها المستمرة لحرية وسيادة لبنان، بالإضافة إلى سعي المملكة عبر حلفائها في الغرب إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة لقطع الطريق أمام أي ذريعة لافتعال حرب مستقبلية بين حزب الله والدولة العبرية. 
نعم توجه سعد الحريري بزيارة مهمة إلى السعودية، ولكن الأهم كان عودة المملكة إلى لبنان من أوسع الأبواب بوابة سياسية واقتصادية ورعوية، عمل من أجلها سعد الحريري وأسس لها خلال الأشهر الأولى من ترؤسه الحكومة، لتثبت الأحداث والتطورات عمق العلاقة بين المملكة ونجل الشهيد رفيق الحريري، فكانت الرسائل واضحة بكافة الاتجاهات لمن كان يطلق الشائعات ويبني قصوراً من أوهام، إن ما يجمع القيادة السعودية وقيادتها بسعد الحريري يمكن ملاحظته جيداً في دعوة الأخير إلى المملكة ليتم استقبال سعد الحريري بالشكل الذي يليق به كرئيس حكومة وكابن للمملكة، ولا يمكن لأي جهة في لبنان أن تأخذ حجم المحبة والتقدير اللذين توليهما المملكة له. 
لم تنته زيارات الرئيس الحريري إلى الخارج، بل تستمر إلى الاتحاد الأوروبي الذي سيجول فيه الرئيس الحريري من باريس حيث سيلتقي الرئيس الفرنسي، وبعدها إلى برلين للقاء المستشارة الألمانية، وبعدها إلى بروكسل للحصول على الدعم الدولي في مؤتمر بروكسل الخاص بمساعدة دول الجوار السوري لمواجهة أعباء النزوح السوري إليها، وطرح موضوع عودتهم إلى مناطق آمنة في سورية في أقرب فرصة لتخفيف الضغوطات عن لبنان. 
المطلوب اليوم من جميع الفرقاء اللبنانيين الالتفاف حول رئيس الوزراء سعد الحريري والعمل مع حكومته على إرساء الأمن السياسي والاقتصادي الذي سيعود بالنفع على جميع اللبنانيين دون استثناء، من كل الاتجاهات السياسية والدينية، ما يخدم عيشهم المشترك وتماسكهم لخدمة وطنهم، فكم تشبه جولات الحريري الابن جولات الحريري الأب وشعوره بالمسؤولية لتأمين أفضل الظروف والأوضاع الاقتصادية والسياسية للداخل اللبناني ليعود بالخير على شعبه ومؤسساته الشرعية.