وليد الرجيب

بعد حرب النكبة عام 1948، بين بعض الدول العربية والعصابات الصهيونية، والتي استمرت حتى عام 1949، بعد أن أعلنت المملكة المتحدة انتهاء انتدابها وخروجها من الأراضي الفسطينية، صدر قرار الأمم المتحدة رقم 181 عام 1947، متبنياً خطة تقسيم فلسطين، وإبقاء القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية.

ورغم هزيمة الدول العربية أمام العصابات الصهيونية في تلك الحرب، ساد جدل وخلافات بين القوى السياسية العربية، التي كانت في صدارتها القوى القومية، فبينما أصرت هذه الأخيرة على تحرير كامل التراب الفلسطيني، رأت بعض القوى الشيوعية واليسارية، قبول هذا التقسيم للمحافظة على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، قبل فقدان كامل الأراضي الفلسطينية، وقامت القوى القومية بتخوين الأحزاب الشيوعية، واتهامها بالعمالة علماً بأن بعض هذه الأحزاب الشيوعية وخاصة في الدول المجاورة لفلسطين، رفضت قرار التقسيم فاستمرت الحروب العربية مع المليشيات الإسرائيلية، حتى عام 1949.

وخسر الفلسطينيون والعرب جراء ذلك أراضي أخرى، ثم جاءت حرب 1967، التي انهزمت خلالها الدول العربية أمام القوة الإسرائيلية المتنامية في خمسة أيام، وخسر العرب والفلسطينيون معظم أراضي فلسطين، واستطال الصراع العربي الإسرائيلي ودام قرابة السبعين عاماً، مليئة بمآسي الشعب الفلسطيني، من قتل ودمار واعتقال واستيطان جائر لأراضيه، حتى تبقى له جزء يسير من أراضيه، وتوالت مؤتمرات التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، ونشب صراع بين الفصائل الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، كل ذلك مع استمرار إسرائيل بقضم الأراضي العربية، ولا حل يلوح في الأفق للصراع العربي الإسرائيلي، وأصبحت الدولة العربية أضعف في المعادلة الإقليمية، بينما ازداد نفوذ إسرائيل التي تلقى مساعدة من أميركا والدول الغربية، وخلال هذه الفترة ضربت إسرائيل جميع القرارات الأممية بعرض الحائط، واستمرت في انتهاك الأرض والإنسان الفلسطيني العربي.

وفي قمة البحر الميت العربية التي عقدت أخيراً بعمان، أعلن الزعماء العرب في البيان الختامي أنهم يؤيدون المصالحة مع إسرائيل، مقابل انسحابها من جميع الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967، بينما دعا اللقاء اليساري العربي الثامن في تونس، بمناسبة مئة عام على المقاومة الفلسطينية، إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه احتفل الفلسطينيون بالذكرى الـ 41 ليوم الأرض، بمسيرات ومظاهرات أسفرت عن مواجهات مع القوات الإسرائيلية.

ونشرت جريدة «الراي» في عددها الصادر يوم 31 مارس، أن الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، أكد أن رقعة علاقات بلاده مع العالمين العربي والإسلامي في اتساع، بينما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، تمسكه بوعوده لبناء المزيد من المستوطنات، مع استمرار إسرائيل لتهويد القدس وبقية الأراضي الفلسطينية.

فهل كان القرار العربي هو البحث عن مزيد من الواقعية؟ في ظل ظروف إقليمية ودولية معقدة، وماذا عن تقرير الشعب الفلسطيني لمصيره؟ وماذا عن الخلافات العربية العربية، وتفتيتها إلى دويلات متناحرة؟ تنفيذا لمشروع أميركا لبناء شرق أوسط جديد وكبير، ألم تعد فلسطين هي القضية العربية المحورية، وهل آن الأوان للتغاضي عن معاناة الشعب العربي الفلسطيني؟