رنا نجار 

لطالما تحدّث خبراء اقتصاديون عن كيفية تحويل التعليم العالي في لبنان إلى «نفط» يدرّ الأموال على بلد ذي اقتصاد صغير ولا يملك موارد طبيعية تغطي نفقاته وتساند خزينته.

ولطالما نصح خبراء أصحابَ النفوذ بجعل جامعات لبنان قاعدة سياحية وثقافية تجذب طلاباً ليس من المنطقة العربية فحسب بل من أنحاء العالم.

وقد تمتّع لبنان ماضياً بهذه السمة لسنوات طوال، لكن اليوم مع التخبطات السياسية والانعزالات الجغرافية، وفي ظل التراجع الاقتصادي، أصبح لبنان بحاجة ماسة إلى تسويق نفسه كوجهة تعليمية في العالم، إضافة إلى خدماته الفندقية والسياحية التقليدية.

وهذا تماماً ما يمنحه «الأسبوع الدولي للتعليم» الذي تنظمه الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) للسنة الثانية تحت عنوان «التعليم الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: بدايات، تطورات وإبداع»، برعاية وزارة السياحة.

وتشارك في هذه التظاهرة التربوية سفارات، قنصليات، معاهد تعليم دولية وجامعات من بلدان عدة، بهدف التركيز على منافع التعليم الدولي ومساهمته في التطـور الأكاديمي والثقافي والتعليمي والوظيفي للطالب والتبادل الثقافي للأمم.

وتضم التظاهرة 40 برنامجاً جامعياً من 40 جامعة حول العالم، يمكن الاطلاع عليها في معرض يقام حتى 7 نيسان (أبريل) في حرمي الجامعة في بيروت وجبيل.

والأهم أن هذه البرامج تعتمد على التبادل التعليمي المزدوج، إذ يستضيف لبنان طلاب هذه الجامعات العريقة كما تستضيف هذه الجامعات طلاباً لبنانيين.

وهو ما أكده وزير السياحة اللبناني أفيديس كيدانيان خلال الافتتاح قائلاً: «تماماً مثل الفسيفساء اللبنانية المكوّنة من انتماءات إتنية ودينية مختلفة، يتبنى النظام التعليمي اللبناني قواعد وقيماً مختلفة تعترف بها المعايير التربوية العالمية. علاوة على ذلك تشكّل تركيبة لبنان التعددية وسمعته كوجهة سياحية عاملاً مساعداً ليشعر الطلاب (العرب والأجانب واللبنانيون) بالراحة ويجدوا شيئاً من أوطانهم في أي مؤسسة تعليمية يدخلونها في المناطق اللبنانية المختلفة».

واعتبر أنه في «عالم يتّسم بالسرعة وحيث تفوتنا الفرص أحياناً، من واجبنا أن نواكب العصر. ومع ازدياد ما يسمى السياحة التعليمية حول العالم، من واجبنا أن نلتزم بسمعتنا كرواد في هذه السوق ورواد في مجال السياحة».

أما رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية جوزيف جبرا، فرأى في كلمة ألقــاها بحضور عمداء الكليات وطلاب الجامعة، أننا «نعيش في عالم مركّب ومعقّد ومعولم تحرّكه تطورات تكنولوجية مــذهلة تقدم مزايا عدة، ولعل أهم ما حققته التكنولوجيا هو إسقاط الحواجز، بحيث لم تعد الشعوب تعيش في صوامع منعزلة، ولم يعد في مقدور أحد أن يوقف حركة هجرة الشعوب».

وأسف جبرا لإلقاء التطورات التكنولوجية بظل ثقيل على الاختلافات الدينية والإتنية، وأسف أيضاً «لأننا لم نكن مستعدين للتعامل مع عبء هذه الاخــتلافات بطريقة سلمية وبناءة وفعالة، في كثير من البلدان». ومن نتائج ذلك، بحسب جبرا، أننا نشهد صراعات دموية في مناطق عدة، من بينها منطقتنا. أما الجواب على كل ذلك «فيكمن في التعليم وفي جعل الناشئة تنفتح على الآخر وتجاربه عبر التعليم وخصوصاً العالي منه».

 

شهادات الطلاب

في هذا السياق، قالت كارول عبد الخالق التي عادت أخيراً من فصل دراسي أمضته في جامعة «سيانس بو» الباريسية الشهيرة: «أكثر ما أعجبني في جامعة «سيانس بو» هو أنها تضم نخبة من الأساتذة الذين يعملون كمحامين دوليين أو كأفراد لحفظ السلام تابعين للأمم المتحدة أو كمحللين ماليين أو كرؤساء بلديات. هذا المزيج المتنوّع من الكفاءات مفيد حقاً، ويضيف قيمة كبيرة إلى تجارب الطلاب الدراسية».

وأضافت أنّ الفترة التي أمضتها في الخارج رفعت حظوظها في إيجاد عمل، وهي تعتبر أن ابتعاد الطالب عن عائلته ليتأقلم في بيئة ثقافية وأكاديمية جديدة هو دليل على تمــيّزه بقـــدرة على التأقلم بسرعة ونضج واستقلالية وتفان، وهي صفات يبحث عنها أرباب العمل.

وعن تجربتها الأكاديمية المشوّقة في جامعة أتاوا (كندا) حيث أمضت فصلاً دراسياً تقول ليتيسيا الخوري لـ «الحياة»: «الموازنة والمعدات والمختبرات التي تخصّص للعلوم الاجتماعية مذهلة»، مشدّدة على أن هذه التجربة كانت مفيدة جداً لها كطالبة علم نفس.

أما دينا عبد الرحمن مديرة هذا البرنامج الدولي الذي تعتمده الجامــعة وتنظم لأجله محاضرات ومعرضاً سنوياً، فأكدت أن «الميزة الأساسية التي يقدّمها مكتب الخدمات الدولية في البيــئة التعليــمية التنافســية على المستوى الدولي هي الشراكات المنــسقة جــيداً مع المؤســــسات الأكاديمية. وهذا يضــمن انســجام الخدمات المقدّمة للطلاب الدوليين وطلاب برامج التبادل الطالبي مع الأهداف الأكاديمية الخاصة بالطــلاب خــلال فــــترة دراستــهم هنا».