جويس كرم 

أكد مسؤول أميركي لـ «الحياة» أن الـ٥٩ صاروخ «توم هوك» التي أطلقتها واشنطن من مدمرتين بحريتين ضد قاعدة الشعيرات وسط سورية فجر أمس في أول ضربة عسكرية أميركية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، كان وراؤها «ثلاثة أهداف ومبررات هي، الدفع بالاستقرار الإقليمي والتقليل من إمكانية استخدام السلاح الكيماوي وحماية المدنيين من المجازر».

هذه المبررات أطلقت يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعطاء الضوء الأخضر للضربات من الثالثة وحتى الرابعة فجراً بتوقيت دمشق، وقبل ستة دقائق من عشاء ترامب مع الرئيس الصيني شي جين بينع في منتجع مارالاغو في فلوريدا. وانتقد المسؤول الأميركي بشدة موقف روسيا «المخيب للأمل». وقال إن روسيا «تنشر حقائق كاذبة يدعمها فقط نظام الأسد وحلفاؤه مثل تلك التي نشرتها بعد استهداف شاحنات المساعدات في حلب وبعد استخدام النظام للسلاح الكيماوي في الغوطة في ٢٠١٣».

وقال السفير الأميركي السابق والمسؤول السابق في وزارة الدفاع لينكولن بلومفيلد لـ «الحياة»، إن ضربات ترامب هي «نقطة انعطاف» في الأزمة السورية، وهي تفترض «الإعداد لمرحلة ما بعد الضربة على المستويات السياسية والعسكرية لأميركا في سورية». بلومفيلد لفت إلى دعم من كبار قيادات الحزبين الجمهوري والديموقراطي للتحرك الأميركي، بينهم دعوة صريحة من منافسة ترامب السابقة هيلاري كلينتون «لتدمير جميع قواعد الأسد وشل قدراته الجوية» قبل ساعتين بالضبط من التحرك. كما أكد السناتور جون ماكين وزميله ماركو روبيو تأييدهما للعملية العسكرية المحدودة، فيما شبهها السناتور توم كوتون بضربة رونالد ريغان لليبيا في ١٩٨٦ في أنها توجه رسالة «عقابية» وتكتفي بذلك.

وقال مسؤولون أميركيون إن سفينتين حربيتين أطلقتا 59 صاروخ كروز من شرق البحر المتوسط على القاعدة الجوية التي تسيطر عليها قوات الرئيس الأسد رداً على هجوم بالغاز السام في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة الاثنين في خان شيخون.

وقال مسؤولون أميركيون إنهم أبلغوا القوات الروسية بأمر الضربات الصاروخية قبل حدوثها وإنهم حرصوا على تفادي إصابة جنود روس في القاعدة. وأضافوا أنه لم تقع ضربات على أجزاء من القاعدة كان جنود روس موجودين فيها، لكنهم قالوا إن الإدارة الأميركية لم تسع لنيل موافقة موسكو. كما استشار ترامب، بحسب مسؤولين أميركيين، حلفاء للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأوروبا قبل تنفيذ الضربة.

وقال ترامب وهو يعلن الهجوم العسكري الذي جاء بعد ٧٦ يوماً على توليه الرئاسة أن «المحاولات السابقة على مدى أعوام لتغيير سلوك الأسد فشلت كلها فشلاً ذريعاً».

وانطلقت الصواريخ، من السفينتين الحربيتين بورتر وروس وأصابت أهدافاً عدة، بينها مدرج الطائرات ومحطات للتزود بالوقود في قاعدة الشعيرات الجوية، التي تقول وزارة الدفاع الأميركية إنها استخدمت لتخزين أسلحة كيماوية.

وأبلغ مسؤول دفاعي أميركي «رويترز» بأن الهجوم هجوم «مُفرد»، ما يعني أنه من المتوقع أن يكون ضربة واحدة، وأنه لا توجد خطط حالياً للتصعيد.

وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بعد الهجوم وقبل أسبوع من توجهه إلى روسيا، إن الضربة لا تعني تغير السياسة الأميركية الأشمل في شأن سورية. وأضاف قائلاً للصحافيين: «هذا يدل بوضوح على أن الرئيس مستعد لاتخاذ تحرك حاسم عندما يتطلب الأمر... لن أحاول بأي شكل أن أفسر ذلك بأنه تغير في سياستنا أو موقفنا في ما يتعلق بأنشطتنا العسكرية في سورية حالياً. لم يحدث تغيير في هذا الوضع».

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جيف ديفيز: «المؤشرات الأولية هي أن هذه الضربة ألحقت أضراراً بالغة أو دمرت طائرات سورية والبنية التحتية الداعمة وكذلك معدات في قاعدة الشعيرات، مما يقلص قدرة الحكومة السورية على استخدام أسلحة كيماوية». وقالت تقارير إعلامية أميركية إن الهجوم دمر ٢٠ طائرة من أصل ٢٢٥ يمتلكها النظام.

وانتقد بعض نواب الكونغرس عدم طلب ترامب إذناً من المشرعين لتسديد الضربات. وقال السناتور تيم كين الذي كان مرشحاً عن الحزب الديموقراطي لمنصب نائب الرئيس في انتخابات 2016: «الكونغرس سيعمل مع الرئيس، لكن عدم سعيه للحصول على موافقة أمر غير مشروع». ولمح السناتور الجمهوري تيد كروز إلى ضرورة نيل تفويض كهذا في عملية أكبر في سورية.

سياسياً، تأمل الإدارة الأميركية باستخدام الورقة العسكرية وعدم تحديد ترامب إطار التحرك فقط بالكيماوي، كما قال بلومفيلد، للضغط لإطار سياسي مع روسيا. وقال رئيس «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة رياض حجاب الذي يزور واشنطن إن المعارضة قدمت للبيت الأبيض اقتراحات لمناطق آمنة في سورية على الحدود مع تركيا، وفي الأراضي التي أمسكتها «قوات سورية الديموقراطية، والمناطق التي يتم تحريرها من «داعش» وعلى الحدود مع الجولان. والتقى حجاب بمسؤولين في الإدارة وبنواب في الكونغرس.